كثيرًا ما كتب عن المهاجرين والنازحين من دولة إلى أخرى أو حتى داخل الدولة الواحدة لا سيما في الدول الأفريقية التي تعاني الكثير منها ويلات الحروب الأهلية والصراعات العرفية كما أن الظروف الطبيعية قد تؤثر بشكل قاسي في تشكيل حياة هذه الشعوب وتضطرهم إلى الهجرة والترحال بحثًا عن الماء والعشب وفرارًا بحياتهم من هذه البيئة القاسية.

ولقد أصبح الآن الحديث عن الهجرة بوصفها مشكلة سياسية أو بيئية فقط يتضاءل شيئًا فشيئًا، لينصب الآن وبمزيد من الواقعية على الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية بوصفها عوامل جوهرية تؤثر في عملية اندماج هؤلاء المهاجرين في المجتمع الجديد، ولما كانت المرأة في البلدان الأفريقية هي أكثر المتضررين بظروف الهجرة والترحال فإنه في السنوات الأخيرة أصبح الاهتمام بالمعاناة التي تعانيها المرأة أكثر وضوحًا.

وإذا كان علم الأنثروبولوجيا عند انسلاخه عن علم الاجتماع قد اتخذ لنفسه منهجًا وإطارًا خاصًا به وهي الدراسة الميدانية القائمة على الملاحظة بالمشاركة، فإن هذا الكتاب يعد من الكتب الأنثروبولوجية التي تناولت مشكلة حيوية يعاني منها المجتمعات الأفريقية عامة والمجتمع السوداني خاصة فقد ركزت على هجرة الدينكاويين إلى القاهرة ونزوحهم إلى الخرطوم العاصمة هروبًا من ويلات الصراعات والحروب التي تعرض لها السودان عامة سنوات طويلة.