الباثولوجيا(Pathology) هي دراسة المرض وعملياته، وتعتبر الشذوذات في الجسم ككل أو بالأعضاء أو الأنسجة أو الخلايا أو سوائل الجسم من مظاهر عمليات المرض. ويمكن التوصل الى معلومات عن طبيعة المرض بواسطة فحص المادة المتبدلة، لذك فإن علم الباثولوجيا يعتبر أحد الأعمدة الأساسية لممارسة الطب. وكما توجد إختلافات بينة بالأعراض والعلامات الإكلينية لكل مرض، تتباين أيضاً التغيرات الباثولوجية في الحالات المختلفة لكن غالباً ما يؤدي المرض الى طراز موحد بشكل عام في الشكل التشريحي والهيستولوجي والخلوي والكيميائي الحيوي. ولقد أدت المعلومات المتجمعة لمثل هذه الدراسات خلال العديد من السنين الى تحديد العوامل السببية لكل مرض ووقوعه ومضاعفاته وسلوكه ونتائجه بدرجة تسمح بالتكهن بالمساق الإكلينيكي للعديد من الأمراض بعد فحص الأنسجة أو المواد المناسبة باثولوجياً.

هذا وقد تحدث تقدم كبير في علم الباثولوجيا في الفترة الأخيرة، وقد تطورت الأساليب التي كانت تستخدم في مجال البحوث والدراسة لتصبح ضمن الإستقصاءات المستخدمة لخدمة التشخيص. وكان التقدم التي تشهده وعلم المناعة في المجالات التي أثارت دهشة العديد من العلماء، وجذب إنتباههم لما لعب التطور الذي طرأ على التركيب الدقيق للخلية ووظيفتها ودوراً هاماً في مفهوم الأمراض التي تصيب بعض الأعضاء، كما أدت أساليب التحليل الكيميائي المستخدمة ليس فقط الى التوصل لقياسات دقيقة، ولكن أيضاً لتحديد مناسيب بعض المواد الموجودة بكميات قليلة جداً. وقد أدى التقدم الذي طرأ على العلوم الطبية الى تطلب عمل لقاء بين المختصين في العلوم الإكلينيكية والمناعة وعلم كيميائية الأمراض والهستوباثولوجيا عند عرض حالات أمراض المفاصل، وقياس على ذلك التقدم الذي طرأ على أمراض الكلى والكبد والغدد الصماء، ونحوها.

كما أدى التلاحم بين التخصصات المختلفة الى التقدم العلمي بالإضافة الى تقدم الخدمات الطبية التي تخدم المرض في جميع التخصصات. من هنا يأتي هذا الكتاب الذي حاول ملاحقة هذه التطورات الذي طرأت على علم الباثولوجيا. على أمل أن يكون الكتاب مفيداً لكل من يطلع عليه، وخصوصاً طلبة كليات الطب، وأن يكون خطوة للأمام في سبيل تعريب العلوم الصحية والطبية في الجامعات العربية.