وصف الكتاب
إن أولادك أمانة عندك، وسيغادرون منزلك خلال وقت قصير. فاحرص على رعايتهم وتوجيههم، واعطهم وقتك وجهدك وانتباهك، وراقبهم وهم يكبرون، ادرسهم وافهمهم كأشخاص لهم خصائصهم وميّزاتهم الفردة. وإذا مررت بوقت طيب سعيد، فقدر أولادك وارعهم. إنهم اليوم معك وتحت رعايتك، ولكنه وقت قصير وإذا هم قد غادورا المنزل. وإذا غفلت عنهم لوقت طويل فقد فاتك الأمر. فاستمتع بالعيش معهم، والنظر إليهم، والعمل معهم، ومَنْ مِنَ الآباء من لا يحب هذه المتعة في هذه الحياة.
وهذا الكتاب هو لكل المهتمين بتنشئة الأولاد وتربيتهم. فهو للآباء والأمهات، والأجداد والجدات، وكل من له مسؤولية تربية أو رعاية الأولاد. وهو لكل من تربطه علاقة مع الصغار. وهو للذين يريدون مساعدة ولدهم ليسير درب الحياة، وللذين يريدون أن يقدموا لولدهم التوجيه والهداية، ولكنهم في نفس الوقت يعلموه كيفية اتخاذ القرارات المناسبة في حياته.
والكتاب هو عن علم النفس التربوي الذي يدور حول معرفة ",لماذا الناس كما هم؟",. ولذلك فكل الآباء يتتبعون بعض جوانب علم النفس من خلال معرفة أولادهم ونموهم وتطورهم. ومن أهداف هذا الكتاب أن يساعد الأهل والمربين على تطوير معرفتهم بعمق النفس الإنسانية من خلال النظر إلى جوانب الحياة الإنسانية لطفلهم في المنزل وخارجه، مستفيدين في ذلك مما توصلت إليه نتائج علوم النفس والتربية.
وكثير مما في الكتاب كان المؤلف قد اكتسبه من خلال عمله السريري في مجال الطب النفسي عند الأولاد والمراهقين لذا سيجد فيه المربون كل ما يكفيهم للوصول إلى فهم الكثير مما سيعترضهم في تربية وتنشئة ولدهم وبحيث يكون بإمكانهم اتخاذ قراراتهم في هذه المواضيع، وحتى تلك التي لم تعترضهم بعد في الواقع العملي.
وعندما يصل الإنسان إلى مرحلة يفهم فيها كيف يشعر الولد وكيف يفكر، فعندها سيكون في مرحلة يستطيع فيها فهم سلوك الولد وتصرفاته. وبالتالي بإمكانه حينها تحديد ردة فعله وتجاوبه مع ولده. لقد جاء هذا الكتاب ليساعدك على التمتع في تنشئة ولدك، ولمساعدة أولادك ليستمتعوا بك كأب وأم.
تعتبر تربية الأولاد من المهام الحيوية في حياة الفرد والأسرة والمجتمع والبشرية عامة، ومن حق الأولاد أن يكون الآباء والأمهات على مستوى هذه المهمة الخطيرة والتي سيكون لها الأثر الكبير في حياة الأولاد. ومما يعين على هذه المهمة أن يتعلم الآباء والأمهات من خبرة الآخرين، ومن نتائج علوم النفس والتربية الاجتماع. ولعل هذا يدخل في قوله تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
ويهدف هذا الكتاب إلى وضع بعض هذه الخبرات والنتائج بين أيدي المربين من آباء وأمهات ليعينهم على مزيد من فهم أولادهم، وعلى مزيد من التبصر في أساليب التربية والتعامل لاستخراج أفضل ما عند هؤلاء من خير يعود عليهم أولاً، وعلى أسرهم ومجتمعهم بالخير والنماء والسعادة.