ها قدِ اكتمَلَ كتابُ (دْزَاﯕَرا / إمامُكَ المُنْتَظَر كما لمْ يُخْبِرْكَ عنه أحد)، وبدلَ أن أُصْدِرَ لكَ ما كان قد تبقّى منه مِن فصول (1)، فقد ارتأيتُ أنّه من الأفضل أن أجمع الأجزاء كلّها في مُجَلّدٍ واحدٍ هو الّذي بين يديْكَ اللّحظة، وذلكَ لتتّضِحَ الرّؤيةُ، وتنْكَشفَ معالمُ بُنيانهِ شاملةً وكاملةً بين يديْكَ ويديَّ، ويظهرَ المعنى الحقيقيّ لهذا العنوان (دْزَاﯕَرا) الّذي اخترتُهُ لكَ من قاموس اللّهجة الصقلّية، وقد رأيتُ فيه معانيَ الإزهار والإشراق الرّوحيّ المرتبطِ في الطّبيعة بشجرة النّارنج الّتي تلبسُ بين شَهْرَي نيسان وأيّار في جزيرة الشّمسِ فستانَ الزّفاف المُرصّع بالأزاهير البيضِ العطرة الفوّاحة، لتُعلنَ في الوجود حلولَ موسم المحبّة والعشق، وظهورَ السيّد العظيم مُخَصِّبِ العقل والقلبِ بشتّى معاني الوفاء والنّقاء والبهاء، والإبداع والخيال الخلّاق. فطوبى لمن يحضرُ هذا الموعدَ العرفانيّ العجيب، وطوبى لمن يدخلُ معنا حانةَ جدّنا العتيقة، ويرى الحبيبَ بزهرةِ قميصه البيضاء، وشعره الفضيّ المُعَطَّر بالمِسْكِ العدنيّ. وطوبى لمن يجلسُ إلى الموائدِ الضاجّة بالمُبَسْملين والمُحَوْقلين والمُستغفرين المُجَنّحِين، بل طوبى للعروس الّتي تقومُ من مكانها حينمَا ترى عريسَها فتضع يدَها في يدِه وتنتبذُ به في قلبها مكاناً قصيّاً، ثمّ تفتح بابَ البوح بأحاديث العشق والجوى الملتهبة، وتقرأ سورة الإخلاص وتعلن أمامَ المعشوق آيات الوفاء الأبديّ، فتلبس خاتمَ أهل الأحديّة والقيّوميّة، وتضع نقطتَها البيضاء في جَيْبِ صاحبِ الأمر لتُخْفِيَها عن عيونِ المُتلصّصينَ، وهي تعلمُ جيّداً أنّ الشّموس قليلة والقنّاصَة كُثر. ولكنّها على الرّغم من ذلك فإنّ هذا لا يمنعها من أن تسعى إلى الحصول من الحبيب على قُبْلَةٍ فوق جبينِهَا تفنى بها فتصيرُ الكأسَ والخمرة، ثم تصحو وتصيرُ البابَ والحضرة، ثمّ بعدَ الصّحوِ تبقى وتصيرُ الجمعَ والكثرة، وتحبلُ في الختام بهِ منهُ، ويصيرُ ابنَها وتُصبحُ ابنتَهُ، ويقومُ فيها عيساهُ ومحمّدهُ، وتقومُ فيه مريمُها وفاطمتُها. طوبى إذن لكلّ المدعوين لهذا الحفل العظيم، وطوبى لكَ معنا أيّها القارئُ العزيز، وهنيئاً لكَ لأنّكَ هُنا تقرأ معنا ما فاض به القلمُ بشأنِ سَفرٍ يتشاركُ فيه العديد من أهل الله، كلّ بطريقته، وكلّ على حسب استعداده وعلوّ همّته. فقُل بسم الله إذن والبس إكليل العروس المغربيّة الصقلّيّة الدّْزاكَريّة، واغمض عينيْكَ لترى إمامكَ كما لمْ يُخْبِرْكَ عنه من قَبْلُ أحد!