وصف الكتاب
يعني المرض حدوث نقص في الحياة، لكن بعض هذه النقائص ليس من الضروري أن تحدث. فغالبية المرضى الذين أتابعهم، وكما يبدو لي، ومهما كانت إصاباتهم ومشاكلهم الخاصة، يتمكنون من العيش ليس فقط على الرغم من حالاتهم، لكن على الأرجح بسبب وجودها، بل أكثر من ذلك: بسبب المزايا التي تخلقها مثل هذه الحالات.
إليكم إذن سبع حكايات من الطبيعة -والروح الإنسانية- كما الْتقت ببعضهما البعض بطرق غير متوقعة. زارت الأشخاص الذين ترد حكاياتهم في هذا الكتاب حالاتٌ عصبية مختلفة مثل متلازمة توريت، التوحد، فقدان الذاكرة وعمى الألوان الكلي.
هؤلاء يجسدون هذه الظروف، وهم ",حالات", بالمعنى الطبي التقليدي، لكنهم في نفس الوقت هم أشخاص مميزون، فكل واحد منهم يمثل و (بشكلٍ صَنَعَهُ لنفسه) عالَمًا خاصاً قائماً بذاته.
هذه قصص ناجين، نجوا بفعل التغيّر، وأحيانا كان تغيراً بشكل جذري، هؤلاء الناجين/ الحالات نجوا بفضل القوى المدهشة (لكن الخطِرَة أحياناً) لإعادة البناء والتكيف التي نملكها.
في الكتب الأولى التي كتبتها عن ",حفظ", الذات، و بشكل أقل عن ",ضياع", الذات، ضمن الاضطرابات العصبية. توصّلت إلى التفكير بأن هذه العبارات مبسطة جداً، وأنه لا يوجد هناك لا ضياع ولا حفظ للهوية في بعض الحالات، لكن، وبدل ذلك هناك تكيّف، بل وحتى تحوّل كلّي، يصل لدرجة تحوّل جذري كامل للدماغ و ",الواقع",. تتطلب دراسة المرض من الطبيب أن يدرس الهوية، أو العوالم الداخلية التي يخلقها المرضى بفعل تحفيز المرض. لكن واقع هؤلاء المرضى، أو الطرق التي يقومون بها هم وأدمغتهم في بناء عوالمهم الخاصة لا يمكن أن تُفهم بشكل واضح من خلال مراقبة سلوكياتهم أو ملاحظتهم من الخارج.
وبالإضافة إلى المنهجية الموضوعية للعالم، عالم الطبيعة، يتوجب علينا أن نوظف أيضاً منهجية ذاتية مشتركة، بالقفز كما كتَبَ فوكو ",إلى داخل وعي المريض، لنحاول أن نرى العالَم المرضي عبر عيون المريض نفسه", .