وصف الكتاب
التوحّد ، ميلٌ فطري وعقلي إلى الخالق ( الله ) ، بدأ مع الحنفية الإبراهيمية ، طبقاً للنص القرآني ، واستمر في الرهبانية النصرانية وخصوصاً في ( 300 م ) ، وارتقى إلى الله ", الملتحد ", في القرآن ، كتعبير لمعنى لغوي إصطلاحي يعني ( الملتجأ ) ، وتجلى باسم الله ", المتوحد ", في نهج البلاغة ، والصحيفة السجادية ، وتوضح عملاً دُعائياً في عبارة ", توحدّني ", التي أوردها الإمام السجاد في صحيفته . وفسّره إبن باجه الأندلسي ( ت 533 ه / 1138 م ) كلامياً ( فلسفياً ) بمنطق عقلاني واضح في كتابه الشهير : ", تدبير المتوحد ", و ", رسالة الإتصال ", وبذلك تكامل المعنى الكوني للتوحّد .
التوحّد منهج معرفي يقوم على معرفة النص وتحليله ، وتأويله ، بالتركيز على المعنى اللغوي ( اللفظي ) والإصطلاحي ( الإستعمالي ) وخصوصاً في نصوص القرن الهجري الأول وتتبعه في نصوص القرن الهجري الأول وأبرزها : القرآن ، والحديث ، ونهج البلاغة والصحيفة السجادية ، ويقوم على مبادئ يذكرها البحث بالتتالي ، ويحاول شرحها ، في الطريقة والغايات والنتائج .
وغاية هذا المنهج التأويلي هي الوصول إلى كشف المعنى الديني والحضاري ، للتوحّد في المعنى العام لهذه النصوص وفي المعنى اللغوي . ويكون ذلك باستدراك المناهج العلمية الحديثة واستيعابها ، والمشاركة فيها ، طبقاً لمفهوم التوحّد بالإعتماد على البرهان العقلي وإقامة الدليل . وربط التوحّد بالكون ، طبقاً للرؤية القرآنية . وعلى قاعدة أنه ليس من تناقض للوصول إلى الحقيقة وإن اختلفت الأساليب .
الله هو الحق ، وما عداه باطل لأنه يحتاج إليه . والإقتراب التوحّدي في الله لا يعني الإتحاد المادي به ، أو الفناء فيه . فهناك مسافة ", بينية ", . وهذا ", الفصل ", إنما يعني هوية الإنسان ( المتوحّد ) كغاية ، وجوهره المستقل ، وخياره الحرّ ، المسؤول . وكلما اتسعت المسافة انعزل المخلوق ونسي أصله الربّاني .
الإنسان موصول بأصله ( الربّاني ) ، مفصول بمسافة بينيّة كانت حتى بين الله ومحمد ، وهو المتوحّد ، حينما [ دنا فتدلى ، فكان قاب قوسين أو أدنى ] ، إنها مسافة الدنوّ ( البينيّة ) بين الله وخاتم النبيين ، وهذا معنى ", الفصل ", ، وعدم النطق عن الهوى يعود إلى هذه اللحظة التوحدية .