وصف الكتاب
القرآن كتاب ديني وتشريعي تضمن شريعة الله تعالى وقانونه الذي أراده لهذه الحياة بكل جوانبها، ولكنه مع ذلك قد تضمن أمثلة مما خلق الله تعالى في هذا الكون، لا يهدف من ذلك إلى الكشف عن قوانين الكون، فإن الكشف عن قوانين الكون متروك للإنسان وفقاً لقوله تعالى: (قل انظروا ماذا في السموات والأرض) وقوله تعالى: (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق) إنما يهدف من ذلك إلى الإشارة إلى عظمة الخالق وقدرته سبحانه وتعالى، وأن يثبت بذلك أن القرآن الكريم إنما هو من كلام الله عز وجل. ولذلك قال الله تعالى في القرآن الكريم: (ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون).
وعندما يضرب الله عز وجل لنا مثلاً، فإنه يضربه لنا مما خلق في هذا الكون، فيضرب لنا أثقالاً من عالم الفلك والطب والجغرافيا والحيوان والنبات إلى غير ذلك من العلوم التي خلقها الله عز وجل في هذا الكون، وذلك بعبارات علمية دقيقة، ومعان واقعية تنطق بما عليه الحقيقة مما لم يكن معروفاً لدى الناس يومها. وقد وقف علماء المسلمين القدامى متحيرين عندما أرادوا أن يفسروا كثيراً من آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن مواضيع كونية وعلمية لم تكن تفاصيلها وحقائقها معروفة في تلك العصور، من مثل الآيات التي تحدثت عن عملية الليل والنهار، وكروية الأرض، والحاضر بين البحار، ودوران الأرض... إلى غير ذلك من الآيات التي لم يكن العلم قد توصل إلى معرفتها واكتشافها في ذلك العصر، وكشف العلم اليوم بعد تقدمه وتطوره عن معانيها، دليل واضح على أن القرآن لم يكن تراثاً علمياً من وضع الناس، ولا كان ثمرة علمهم ومعرفتهم، وإنما كان تنزيلاً من رب العالمين يقول الدكتور موريس بوكاي العالم الفرنسي الشهير الذي قام بدراسة الكتب المقدسة كلها دراسة نقدية على ضوء المعارف الحديثة، ثم أسلم بعد دراسته للقرآن، يقول في كتابه الشهير التوراة والإنجيل والقرآن والعلم: ",لقد أثارت هذه الجوانب العلمية التي يختص بها القرآن الكريم، أي عن التوراة والإنجيل، دهشتي العميقة في البداية، فلم أكن أعتمد قط بإمكان اكتشاف عدد كبير إلى هذا الحد من الدعاوى الخاصة بموضوعات شديدة التنوع ومطابقة تماماً للمعارف العلمية الحديثة وذلك في نص كتيب منذ أكثر من ثلاثة عشر قرناً. في البداية لم يكن أي إيمان بالإسلام، وقد طرقت دراسة هذه النصوص بروح متحررة من كل حكم مسبق وبموضوعية تامة",.
ثم يقول: ",إن أول ما يثير الدهشة في روح من يواجه مثل هذا النص لأول مرة، هو قراء الموضوعات المعالجة. فهناك الخلق وعلم الفلك وعرض لبعض الموضوعات الخاصة بالأرض، وعالم الحيوان، وعالم النبات، والتناسل الإنساني. وعلى حين نجد في التوراة أخطاء علمية ضخمة لا تكتشف في القرآن أي خطأ، ولقد دفعني ذلك لأن أتساءل: لو كان كاتب القرآن إنساناً، كيف استطاع في القرن السابع من العصر المسيحي أن يكتب ما اتضح أنه يتفق اليوم مع المعارف العلمية الحديثة، ليس هناك أي مجال للشك",. في هذا السياق يأتي كتاب الكون والإنسان بين العلم والقرآن", ومن خلاله يحاول المؤلف عرض فكرة موجزة عن خلق الكون والإنسان على ضوء ما جاء في العلم والقرآن.