الجاحظ هو عمرو بن بحر الجاحظ، أبو عثمان البصري المعتزلي، وسمي الجاحظ لجحوظ عينيه. وتنسب إليه الفرقة الجاحظية من المعتزلة كان مولده سنة (418هـ). صنّف الكثير في الفنون. كان بحراً من بحور العلم؛ رأساً في الكلام والاعتدال، وعاش تسعين سنة، وكان أحسن تأليفه وأوسعها فائدة كتاب البيان وكتاب الحيوان الذي نقلب صفحاته. وهو كتاب يوهم عنوانه أنه قد خصص بالحيوان وما يمت إليه بسبب.

ولكن الحق أن الكتاب معلمة واسعة، وصورة ظاهرة لثقافة العصر العباسي، المتشعبة الأطراف. فقد حوى الكتاب طائفة صالحة من المعارف الطبيعية، والمسائل الفلسفية، كما تحدث في سياسة الأقوام والأفراد، وكما تكلم في نزاع أهل الكلام، وسائر الطوائف الدينية. تحدث الكتاب في كثير من المسائل الجغرافية، وفي خصائص كثير من البلدان، وفي تأثير البيئة في الحيوان والإنسان والشجر، كما تناول الحديث في الأجناس البشرية وتبانيها، وكما عرض لبعض قضايا التاريخ.

وفيه كذلك حديث عن الطب والأمراض: أمراض الحيوان والإنسان وبيان لكثير من المفردات الطبية نباتيها وحوانيها ومعدنيها، تحدث فيه الجاحظ عن العرب والأعراب، وأحوالهم، وعاداتهم ومزاعمهم وعلومهم، كما أفاض القول في أي الكتاب العربي، وحديث الرسول العربي، وكما فصّل بعض مسائل الفقه والدين. والكتاب كذلك ديوان جمع الصفوة المختارة من مر الشعر العربي ونادره وناهيك باختيار أبي عثمان وإن أردت الأمثال فهو قد جمع لك منها القدر الكبير، أو أحببن الحديث في البيان ونقد الكلام والشعر، وجدت ما ترتاح إليه نفسك وتطمئن.

أما فكاهة الجاحظ فهذه قد نثرت في الكتاب نثراً، وإنها لتطالعه بين الفنية والأخرى متمثلة فيما يروى من نادرة أو يحكى من قصة، وأما المجون فلا عليك أنم تمر به لتظهر لك ناحية من النواحي التي غلبت على الكثير من متأدبي عصر الجاحظ التي لم يكن فيها حرج حينئذٍ ولا خشية. وقد قسم الجاحظ كتابه إلى عدة أبواب، وهي أبواب طويلة، يكاد يصل عدد صفحات بعضها إلى حوالي مئتي صفحة. وقد أبقى المحقق على هذا التقسيم إلا أنه أشفع هذا التقسيم بعناوين فرعية تعطي فكرة عن مضمون الفقرة، مقتبساً العناوين من مضمون كلام الجاحظ. بالإضافة إلى ذلك فقد عمل المحقق على إضافة ما وجده ساقطاً.

ولما كان أسلوب تصحيح هذا الكتاب أن يعارض بعضه ببعض، وأن يقارن بين نصوصه المتشابهة، وذلك يقتضي الإشارة غلى صفحات من أجزاء قد تتلو الجزء الذي طبع، فقد رأى المحقق أن يثبت علة جوانب هذه الطبعة، أرقام صفحات الطبعة الأولى، كما أن لذلك مزيّة ثانية، هي تمكين القارئ من الانتفاع بكل الإشارات التي يشار بها في الكتب المختلفة إلى مواضيع خاصة من هذا الكتاب.

ولما كانت أيضاً الفهارس لكتب العربية، لا سيما القديم منها، هي كالحيات للأرض الطيبة، فقد اعتنى المحقق بتذييل الطبعة هذه بجملة من الفهارس قام إلحاقها بآخر جزئين من الكتاب وهذه الفهارس شملت: فهرس تفصيلي لأجناس الحيوان، فهرس لأعلام الحيوان، فهرس لأعلام الناس، فهرس للقبائل، والطوائف ونحوها، فهرس للبلدان والأماكن ونحوها، فهرس للأمثال، فهرس للشعر، فهرس للأرجاز، فهرس للغة، فهرس للكتب، فهرس لأيام العرب، فهرس للمعارف العامة.