وصف الكتاب
كتاب على شاكلة كليلة و دمنة و Les Fables de La Fontaine، تدور قصائده عن الحيوانات، إما تكون مباشرة صادرة منها أو تتحدث عنها. كأن الحيوان يعير للإنسان لسانه فينطق به، أو كأن الإنسان يرى العالم بعيون الحيوان.
الجانب الترفيهي حاضر في هذا الديوان، ففي الفن و الأدب ترويح عن النفس، و ليست كل قصائد ",منطق الحيوان", جدا على جد، بل فيها الطريف (مثل قصائد : الصقر الباكي، نجحت، الذئب الواعظ) و فيها ما خلط بين معنى طريف أو حزين و بين حقائق علمية عن هذه الحيوانات (لعنة الوقواق، أم عشرة، الأبكم الثرثار). و لكن ذلك لا ينفي أن فيه تطرقا لقضايا جادة، كحالة المستضعفين في الشرق الأوسط مثلا (جاءنا من الشرق طائر، الطفلة الصغيرة) أو مأساة بورما (في قرية). و قسم آخر كان عن الزهد و التوبة و اعتزال الناس و الدنيا (روح، الدخلة الرأساء، الورل، الوزغة). و آخر عن فلسفة و نظرة معينة للحياة (في ميزان الكون، الحلزون، قال الثعلب، لا شيء، العصافير، موت الذئب)، و لعل الترجمات أعمق ما يكون في هذا الجانب. و من القصائد ما كان أيضا عن تاريخ و أمجاد الجزائر (وقف، بربروس، شوكة في الصخور).
كما ركز بعضها على مشاكل البيئة و ما يؤدي إلى انقراض الكائنات الحية (الجناح المقطوع، انقراض الضمير، حياة أخرى)، أو كان مزيجا بين ألم الحيوان و ألم الإنسان (الناسك الأشيب، روح الغابة، عيون الليل).
من الأشعار أيضا ما فيه تأمل في الكون و في هذه الكائنات الساحرة (لو أني أعطيك صوتي، يا حية سكنت بالخراب، أنا الذي)، و منها ما ركز على الأحاسيس و قضايا القلب (قال الفهد، الوردة، الموسيقي الأسود، غزالة، الخلد العاشق، الأسحم، إجري) أو أتى من باب التشجيع و النصيحة (ابن عرس، الغراب، قوارب النجاة، غرد بلبل)، و غيرها من المواضيع...
و الصفة الغالبة على الديوان هي تعدد المعاني، بين الظاهري و الباطني، و بين الأدبي الفني و بين العلمي الوثائقي، إذ جل أشعاره مزدوجة المعاني و الرموز، فينطبق القول على الحيوان بحد ذاته و كذا على الإنسان. و كل ما صنف هنا من القصائد في هذه الفئة أو تلك يحتمل إدراجه ضمن المواضيع الأخرى أيضا.
يتكون منطق الحيوان غالبا من قصائد حرة، و فيه كذلك شيئ من العمودي، و لعل الملفت للانتباه هو تواجد الجنسين معا أحيانا في القصيدة الواحدة.
اختتم الكتاب بترجمات لقصائد لكبار الشعراء مثل Victo r Hugo وBaudelaire . قام فيها المترجم بتطبيق نفس الأوزان التي نظم بها الشاعر الأصلي أبياته.
و العديد من القصائد مزينة برسوم بيد المؤلف، كما تحتوي على معلومات أو تحث على التعرف على الكائنات المذكورة فيها، حتى يرافق الكاتب القارئ و يحاولا معا بلوغ درجة ما من التأمل في هذا الكون العجيب و مخلوقاته المبهرة، إذ قد لا تؤدي النظرة العلمية الجامدة هذا الدور إذا ما حرمت من الإحساس بالجمال و المعاني الدفينة، و كما قد تحيد المشاعر و الأدبيات فلا تنتبه للواقع العلمي و النظام الذي يسير عليه هذا الكون.