لقد أصبحت نوعية المسائل والأبحاث العلمية المطروحة اليوم حول الكون ذات حساسية بالغة، لأنها تتناول بشكل مباشر وعملي بعيون نافذة إلى أعماق الزمان والفضاء أكثر المواضيع إرتباطاً بالعقيدة، فالعلم اليوم يبحث في أصل نشوء الكون ونقطة البداية في مسيرته وطبيعة الحركة التكاملية لكافة أجزائه والتي طواها منذ اللحظة الأولى لنشوئه حتى وصل إلى ما نراه عليه الآن. لقد برزت خلال التاريخ الفكري والإنساني العديد من وجهات النظر من قبل الفلاسفة حول كيفية وجود الكون. واليوم فإن أهم ما حصل في هذا العصر هو دخول المنهج العلمي ليتبنى مسألة البحث عن أصل الكون والمادة والطاقة والزمان والمكان. هذا وإن معطيات العلم الحديث لا تدع مجالاً للشك في وجود نقطة بداية لكل شيء، والعلماء واثقون إلى درجة البداهة بأن لا شيء من أجزاء الكون أزلي الوجود، وقد إنصب البحث في السنين الأخيرة على تلك النقطة التي إبتدأ فيها الكون بإنفجار مهيب قبل ما يقارب 15 مليار سنة وما تلى ذلك الإنفجار من أحداث ومراحل متعاقبة حتى صار الكون على ما هو عليه الآن. لقد إستطاع العلماء من خلال أجهزة الرصد الحديثة بمختلف أنواعها مشاهدة الأعماق السحيقة للفضاء والتي تمتد إلى مليارات السنين الضوئية، وتمكنوا من إلتقاط أمواج الضوء والأشعة المختلفة القادمة من المجرات التي كانت قد تكونت قبل مليارات السنين، والرجوع بالزمان إلى المراحل الأولى من خلق الكون، وأصبحت المسائل المرتبطة بالكيفية التي نشأ بها الكون، والميكانيكية التي إتخذ بها شكله الحالي مواضيع ساخنة في الساحة العلمية، وكذلك طبيعة الضوابط والقوانين التي تتحكم في حركته التكاملية، ومن ثم المصير الذي ينتظره. وتتضافر جهود كبار علماء الفيزياء والفلك لحل ألغازها وفك طلاسمها خصوصاً وقد أصبحت هذه المسائل وفق المعطيات العلمية الحديثة مرتبطة مع بعضها ضمن رؤية شاملة لكافة أجزاء الكون بكل ظواهره ومظاهره. وهنا يمكن القول أنه واكب هذا التقدم العلمي وظهور مثل هذه المواضيع الحساسة والشاءكة ذات الإمتداد التاريخي، عودة المسلم لقراءة نصوص السماء قراءة جديدة تتناسب مع التطور العلمي الحاصل في هذا الوقت. كما وإلى مطالعة الأحاديث النبوية بدقة للوقوف على ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الخصوص. والملفت أن القرآن الكريم والأحاديث النبوية زاخرة حول كشف الكثير من الحقائق الكونية. ومن خلال هذا الكتاب يحاول المؤلف تلمس تلك الحقائق التي كانت لها دلالات وإشارات في كلا المصدرين الكتاب والسنة. وذلك بأسلوب علمي يواكب أحدث النظريات العلمية المطروحة على الساحة وصولاً للكشف عن بعض الغوامض الكونية.