وصف الكتاب
هذا كتاب عول المؤلف في كتابته على أمهات المصادر العربية القديمة مخطوطات وكتباً، وعلى أهم المراجع ذات الشأن بالعربية وغير العربية حديثاً، ملتزماً بإتباع المنهج التاريخي الموضوعي القائم على الاستقراء والتحليل والتعليل فالاستنتاج حيث عرض لعلم الفلك كما هو عند العرب في جاهليتهم قبل الإسلام، وعند العرب وغير العرب بعد الإسلام، ابتداءً بالعصر الراشدي فالأموي، مروراً بالعصر العباسي في المشرق، والأندلسي في المغرب، انتهاءً بالعصر المسمى بعصر الانحطاط (1258-1298م). وما كان الانحطاط في الخلق والقيم، لكن تجوزاً، هو انحطاط العلوم بإزاء النهضة الأوروبية التي اخذ أصحابها منذ ذلك التاريخ وقبله، زمام المبادرة فارتقوا بالعلوم، ومنها الفلك، صعداً فإذا هم اليوم أصحاب المناظير الفلكية المتطورة، والمركبات التي تجوب أقطار الفضاء.
وهكذا جاءت مادة هذا الكتاب موزعة على سبعة فصول هي التالية: ",نظرة إلى السماء", وفيه تم عرض اختلاف النظرة إلى نجوم السماء بين القديم والحديث، ",علم الفلك أو الهيئة",: التعريف به، فروعه، تاريخه، وفيه تم الحديث عن أهم تعريفات علم الفلك القديمة والحديثة، وعن أهم فروعه التي هي الأزياح والتقاويم والميقات والأرصاد، كما تم التحدث على تاريخ هذا العلم لدى عدد من الأمم القديمة السابقة أو المعاصرة للعرب قبل الإسلام.
وفي الفصل المعنون ",بأنوار العرب قبل الإسلام", تم التحدث على علم الفلك كما عرفه العرب في جاهليتهم قبل الإسلام، وجل معرفتهم فيه تمثلت بالعلم المسمى بـ",الأنوار",. أما في فصل ",تطور علم الفلك في العصور الإسلامية", فتم تتبع تطور هذا العلم على اختلاف فروعه في العصور الإسلامية شرقاً ومغرباً، انتهاءً بعصر الانحطاط المتفق على نهايته عام 1798م.
وأبرز ما في هذا الفصل الحديث على ازدهار علم الفلك في العصر العباسي خاصة، بسبب الاهتمام بالتنجيم، ونقل العلوم الدخيلة وترجمتها إلى العربية ويأتي ",فصل فلكيون مشارقة وفلكيون مغاربة", ليقدم ثبتاً بأسماء الذين اشتغلوا بالفلك أو الذين وضعوا فيه العديد من الرسائل والكتب على اختلاف فروع الهيئة، طوال العصور الإسلامية في المشرق والمغرب على السواء.
أما فصل ",فليكون بامتياز", فيتضمن حديثاً عن كوكبة من علماء الفلك الأعلام الذين كان لهم أبعد الأثر في تقدم علم الفلك، وهم عبارة عن فريقين اثنين، فريق ينتسب أصحابه، وهم البتاني والصوفي والبيروتي، إلى العصر العباسي، وفريق آخر ينتسب أصحابه إلى عصر الانحطاط، وهم العرضي ونصير الدين الطوسي وبهاء الدين العاملي، ويأتي فصل ",صفحات مشرقة", ليذكر بأهم مآثر العرب والمسلمين في مجال العلوم الفلكية، وليبين أهم تلك الآثار الخالدة، التي منها ثبت بأسماء النجوم التي مازالت أسماؤها متداولة حتى اليوم في اللغات الأوروبية، ذات أصل عربي كما يدل اللفظ، ومنها الحديث على فصل الفلك عن التنجيم الذي هو علم تكهني، ما يشهد للعرب وللمسلمين بتفوقهم العلمي والفلكي.