وصف الكتاب
للعرب نظريات مبتكرة لم يسبقهم إليها إنسان، بعضها ظل مخلداً بإسمهم على مر السنين والأعوام، وبعضها اقتبسه علماء الغرب بعد ذلك بعدة قرون فصار منسوباً إليهم دون أصحابه الشرعيين.
ويرجع السبب في هذا اللبس إلى العدد الهائل من المخطوطات العربية التي تحتاج إلى دراسة شاملة ومقارنة علمية بالنظريات الحديثة، وندرة الخبراء العرب الذين تخصصوا في هذا النوع من الدراسات...
أما المستشرقون الأجانب، فعذرهم عدم الإلمام الكافي باللغة العربية، ناهيك عن اللغة العلمية والإصطلاحات الخاصة التي استخدمها علماء العرب في القرون الوسطى، هذا بالإضافة إلى صعوبة قراءة المخطوطات العربية والأخطاء التي وقع فيها الناسخون القدماء، وأكثرهم غير ذي دراية بما يقوم نسخة، وعلماء العرب الذين بزغت أسماؤهم في القرون الوسطى، وأدلوا بقسط وافر في تقدم العلوم، هم في الحقيقة مجموعة ضمنه، احتل منهم الكثيرون مراكز الصدارة ومن بينهم العالم أبو الريحان البيروني الذي لم يكف لحظة عن التفكير في المسائل العلمية حتى وهو على فراش الموت، وهو صاحب كتاب ",رسائل في الهيئة وعلم الفلك", الذي نقلب صفحاته، ولد أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني عام 632هـ (973م) في ضاحية كان عاصمة خوارزم؛ نبع في الرياضيات والفلك، ويعتبر جغرافياً ومؤرخاً ولغوياً وفيلسوفاً حتى أنه أطلق عليه لقب الأستاذ، بقي في وطنه حتى بلغ الخامسة والعشرين حيث تدرب عملياً على يد أستاذة أبي نصر منصور بن علي بن عراق، كما اتصل بابن سينا، ونشر في تلك الفترة أيضاً أوائل مؤلفاته، ثم رحل إلى جرجان حوالي 388هـ (998م) حيث التحق ببلاط السلطان أبو الحسن قابوس بن وشمجير شمس المعالي وهناك نشر أول مؤلفاته الكبرى عن التقاويم والتواريخ ومسائل في الفلك والرياضة وهو ",الآثار الباقية عن القرون الخالية",.
وأما تاريخ وفاة البيروني فهي موضع مناقشة، ولكن الإعتقاد السائد حالياً أن ذلك كان بعد عام 441هـ (1050م)، ترك البيروني مؤلفات عديدة، ويعتبر كتابه القانون المسعودي أكبر موسوعة في الفلك والهندسة والجغرافيا، أما كتابه الكبير الثاني ",تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات الساكن", فقد قام بتحقيقه المستشرق السوفييتي الدكتور بولجاكوف بمساعدة الدكتور إمام إبراهيم أحمد في بعض النقط الخاصة بعلم الفلك، وكتابه ",الجماهر في معرفة الجواهر", فقد قام بتحقيقه المستشرق السوفييتي كرمكوف.
وأما مؤلفاته في علوم الصيدلة والطب فقد قام على تحقيقها السوفييتي والكيميائي عبيد الله كاريمون من قليلة البيروتي بطشقنو، وأبو الريحان في الفلك ملكي ممتاز بشهادة علماء فلك القرب والعربي، وهو في الجيولوجيا جيولوجي ممتاز... وفي التاريخ مؤرخ محقق ومدقق واسع الإطلاع شامل المعرفة، قادر على الإستقراء والإستنتاج، وبما أوتي من قدرة فائقة على البحث والدرس، وهو في الرياضيات عالم ضخم اقتبس منه نيوتن وجريجوري كثيراً من القوانين الرياضية.
وبالعودة، فإن هذه الرسائل في الهيئة وعلم الفلك تشكل مدخلاً هاماً في هذين العلمين، وهي تضم بالإضافة إلى القانون المسعودي رسائل متفرقة في الهيئة 1-إستخراج تاريخ اليهود للخوارزمي، 2-تخطيط الساعات لليزيزي، 3-إستخراج تاريخ اليهود للقايني، 4-إستخراج الساعات للقايني، 5-إقامة البرهان على الدائرة للبوزجاني، 6-مساحة المجسم المكاني لويجن القوهي، 7-كيفية تستطيح الكرة لأحمد الأصفهاني، 8-إشكال الدائرة لنصر بن عبد الله، 9-المقادير المشتركة لابن البغدادي، 10-الشكل القطاع لأحمد السجزي، 11-الأبعاد والأحرام لكوشيار الجيلي.