وصف الكتاب
تنحصر مهمة رجل القانون في هذه المرحلة من التطور، في استشفاف الهدف الذي يجب ويمكن إدراكه، لمصلحة المجتمع الدولي، والسهر بالتالي على أن يكون هذا الاتجاه مطابقاً للهدف المذكور.
ويترتب عليه، في سبيل ذلك، أن يستند إلى المعطيات العلمية الأكثر أهمية، ويلاحظ ما تم إنجازه حتى الآن والمعدات الإيجابية المتوافرة، في ضوء الخبرة التي قدمها كل من القانون البحري والقانون الجوي. ولا تقتصر مهمة رجل القانون على ملاحظة القانون الموضوع وعرضه، لأنه من الضروري في فترة تكوين هذا القانون بيان المشاكل بصورة صحيحة، للمساهمة في حلها بشكل صحيح، وملاحظة النتائج القانونية للأوضاع المحدثة والتي يقتضي تقدير مرماها.
هذا ما يطمح إليه هذا الكتاب الصغير الذي يتصف بالبساطة في غمرة المؤلفات العديدة التي عالجت هذا الموضوع. وليس هدفه الرئيسي طرح مجموعة من الأسئلة المتباينة، وإنما إثارة بعض القضايا الرئيسية لإسعافها بحلول واضحة، والتوصل من خلال ذلك إلى حمل أي قارئ على الشعور بأن قانون الفضاء الجوي يتفق مع المقتضيات الراهنة التي لا تقبل الجدل، والاستعانة بمبادئ بسيطة وسهلة الإدراك.
ويتقصر الأمر هنا على مقتضيات فورية أو مقبلة، إن القيام برحلات نحو مجموعات كوكبية، غير المجموعة الشمسية، قد يصبح ممكناً في المستقبل، ولكنه لا يدخل حالياً في إطار مفيد لقانون الفضاء. ولا شك أنه من اليسير في هذا المجال إطلاق العنان للخيال، وإنما قد ينطوي ذلك على التجرد من الوجدان العلمي والقانوني. غير أنه من حقنا أن نعقد الأمل على ألا يحصر نطاق التوجيهات القانونية المقررة، بحيث يصبح من الضروري إعادة النظر في مجموعة القواعد المقبولة كلما ازداد العلم تقدماً. ويجب أن يبقى القانون متواضعاً دون أن يقلل من شأن الموضوع الضخم الذي يعالجه.
ولقد وجد الباحث ",شارل شومون", أن يوجز البحث موقتاً، فأشار على سبيل المثال، إلى القضايا التي أثارها في الحقبة الحالية حادثان رئيسيان في مجال الفضاء الجوي هما: إطلاق القمر الصناعي (سيبوتنيك 1) بتاريخ 4 تشرين الأول 1957، وإطلاق القمر الصناعي (لونيك 2) بتاريخ 12 أيلول 1959. إن نشاط الأقمار الصناعية الدائرة حول الأرض، ونشاط الصواريخ والأقمار الصناعية عبر الفضاء، ووضع الأجرام السماوية، تلك هي القضايا الهامة بمضمونها الأساسي. ومن اليسير الإدراك أنه إذا كانت الأجرام السماوية أقرب شبهاً بالأقاليم من الفضاء، فسيكون للفكرة المكونة حول الفضاء، نتائجها على نظام الأجرام السماوية، ولا تثار قضايا الأجرام السماوية، إلا لأن الإنسان قد أدركها نتيجة نشاطه في الفضاء، غير أن أصالة موضوع الأجرام السماوية ناشئ عن صفتها الإقليمية ظاهرياً.