وصف الكتاب
في هذا الكتاب يضع الدكتور مصطفى يوسف اللداوي (قصته) التي هي قصة كل أسير فلسطيني يتمسك بفلسطين أرضاً وإنساناً وهوية، إنه خلاصة تجربة فيها السجن والتحقيق والتعذيب والمحاكمة، وفيها المداهمة والملاحقة، إذا اعتقل اللداوي تسع مرات، منها اعتقالات احترازية وأخرى إدارية، وكان من أوائل من دخلوا المعتقلات الصحراوية، وعاش قسوة العزل، ووحشة الحبس الإنفرادي، وكثير من المعاناة.
و(الأسرى الأحرار) جاء في مجلدين كبيرين حويا أشياء كثيرة تتعلق بالحياة الإعتقالية داخل السجون الإسرائيلية، حيث اعتمد المؤلف في كتابه ",المنهج الوصفي", فاستعرض الجوانب العامة لحياة الأسرى، المعلنة والخفية، القديمة والجديدة، التي كانت واندثرت أو التي بقيت وتطورت، واستعرض في وصفٍ دقيق غير ممل ما يواجهه الأسرى والمعتقلون من ما قبل مرحلة الإعتقال حتى ما بعد مرحلة الحرية، في تصويرٍ دقيق، يحمل قارئ الكتاب إلى داخل أسوار المعتقلات، هي مشاهد قديمة ربما نسيها الكثيرون، أماط المؤلف اللثام عن سلوكيات و",ممارسات إسرائيلية", سوداء عاشها ليكشف للعالم عن ",فلسفة الإسرائيليين", في التعامل مع الأسرى والمعتقلين، ونظرتهم إليهم وهم في القيود والأغلال، أو في الزنازين و",إكسات", العزل، وأوضح المؤلف للفلسطينين، والعرب من بعدهم، مدى الحقد المسكون في ",قلوب الإسرائيليين", ضد العرب وغير ذلك كثير من المراحل المختلفة التي يمر بها المعتقل الفلسطيني وصولاً إلى غرفة السجن...
لا نَمُنُّ على الأسرى والمعتقلين عندما نكتب عنهم، أو نتضامن معهم، أو نتظاهر ونعتصم للمطالبة بالإفراج عنهم، أو لتحسين ظروف اعتقالهم، والتخفيف من معاناةِ أُسرهم وذويهم، فهذا أقل الواجب، وأبسط التكاليف التي يجب أن نقوم بها إزاء رجالٍ ضحوا بحياتهم من أجلنا، ووفاءً لنساءٍ تخلّين عن أطفالهن وأُسرهن من أجل فلسطين.
لا ينبغي أن نغمض جفوننا يوماً عن أسرانا، ولا أن يغيبوا عن دائرة اهتمامنا، كما يجب ألاّ ننعم في الحياة وهم يعانون، ولا نستمتع برغد العيش وهم يعذبون؛ إنهم يختلفون عن الجرحى والشهداء، فالجرحى نغمرهم برعايتنا، ونحاول التخفيف من معاناتهم ما استطعنا، ونوفر لهم جهدنا، علاجاً ومتابعة، حتى يكرمهم الله بالشفاء، أما الشهداء فلا نخاف عليهم، ولا نقلق من أجلهم، إنهم في كنف الرحمن، وفي صحبة النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم، وفي جمعٍ من الشهداء يحبرون في جنان الخلد؛ فهم سبقوا بالفوز وينتظرون.
أما الأسرى والمعتقلون فيجب أن نقلق عليهم، وأن نهتم لأمرهم، وأن تخيفنا ظروفهم، وأن نخشى على حياتهم؛ فهم في سجونٍ صهيونية، يحرسهم سجانون إسرائيليون حاقدون، ويمارس معهم التحقيق والتعذيب خبراء في فنون القهر والتعذيب والإساءة، أفلا نقلق عليهم، أفلا نهتم بأمرهم، أفلا نبذل قصارى جهودنا لإنقاذهم من محنتهم ….؟ إنه واجبٌ ملقى على عاتق كل عربيٍ ومسلم وحرٍ غيور، وهو واجبٌ يكاد يكون عيناً، لا يسقط عن أحدنا إن قام به بعضنا، بل يجب علينا جميعاً أن نساهم من أجلهم، علَّ الله يفرج كربهم، وينعم عليهم بالحرية.