هدفنا سهولة الحصول على الكتب لمن لديه هواية القراءة. لذا فنحن نقوم بنشر اماكن تواجد الكتب إذا كانت مكتبات ورقية او الكترونية
ونؤمن بان كل حقوق المؤلفين ودار النشر محفوظة لهم. لذلك فنحن لا نقوم برفع الملفات لكننا ننشر فقط اماكن تواجدها ورقية او الكترونية
إذا اردت ان يتم حذف بيانات كتابك من الموقع او اى بيانات عنه، رجاءا اتصل بنا فورا
إذا اردت ان تقوم بنشر بيانات كتابك او اماكن تواجده رجاءا رفع كتاب
قراءة و تحميل pdf فى كتاب : العلمانية من منظور مختلف الدين والدنيا في منظار التاريخ لـ عزيز العظمة
إن واقع العلمانية ليس بالشأن الناجم عن كون العالم هو العامل المقرر في الحياة فحسب، بل إن العلمانية في الحياة والفكر العربيين، موضوع هذا الكتاب تشكل سجلاً لصمود مفاهيم سياسية وإدارية وعقلية حديثة، إنسانية، مترافقاً مع تهميش المؤسسة الدينية وبضاعتها العقلية التي كانت لها الهيمنة على الحياة الثقافية والتربوية والقانونية على مدى قرون من التاريخ العربي لا شك في أن ردّ فعل هذه المؤسسة كان قوياً، عضّدته فئات سياسية توسّلت منها ومن العاطفة الدينية رافعة في الصراع السياسي الديموقراطي وغير الديموقراطي. وليس ثمة شك في أن دخول العرب في زمانية الحداثة كان متفاوت الوثائر والوجهات، وأنه كان دخولاً متمايز الطابع والوجهة حسب المناطق الجغرافية والأوضاع السياسية والاجتماعية والتربوية مطابع الدولة الجامعة الحداثة بل الموحدة لها.
ضمن هذه المقاربة تأتي دراسة الباحث حول العلمانية ومن منظور مختلف. والمنظور المختلف الذي تناول الباحث منه العلمانية في الحياة والفكر الديني ليس إلا منظور الواقع التاريخي بغية التعريف بواقع التاريخ العربي الحديث والتصالح معه والإلمام بزمانيته، ونقض صياغة التاريخ الحديث بصيغة التمني والحنين. فكان أول محك له محك خلدوني، والذي يعني الإلمام بمعنى المحال والامتناع، واحترام الماضي في غرابته وغربته وانكفائه عنا، وكان المحك الثاني اعتبار التاريخ مجموعة مسارات مختلفة، دون أن يكون لأي منها-الأوربي أو العربي أو غيره-فرادة ميتافيزيائية تنبو به عن الاندراج في العالمية الإنسانية التي يفرضها التاريخ الحديث.
لقد جعل الباحث هذا الكتاب دراسة تاريخية واجتماعية وفكرية للعلمانية في الوطن العربي، مشرقاً ومغرباً، في إطار تحليل عام لمسار التاريخ العربي في سياق التاريخ العالمي الحديث، بعد مناقشة ومساءلة معطيات التاريخ الأوربي إرادة إبراز تنوع العلمانية، وأنماط ارتباطها الفعلية بالدولة وبالدين، ودراسة لحظات من التراث العربي يبرز فيها حقيقة علاقة الدنيا بالدين في مجالات السياسة والتشريع وبناء المؤسسة الدينية ودورها هذا في الفصل الأول، لينتقل في الفصل الثاني إلى الدولة التنظيمية التي نشأت في القرن التاسع عشر. مبيناً كيف كانت هذه الدولة عامل الدفع الأساسي في تاريخ الحداثة العربية، وكيف زرعت بذوراً مؤسسية وثقافية وفكرية واجتماعية كانت عماد التاريخ العربي الحديث حتى اليوم.
كما تناول في هذا الفصل كما في الفصل الثالث الحال العلماني المساوق لواقع مشروع الدولة الحديثة الذي تمثل في الثورة الكمالية في تركيا، وانفصال العرب عن سياق وجهة التاريخ العثماني باتجاه مسار مغاير مرتد إيديولوجياً عن هذه الوجهة، ولو استمر فيها سياسياً واجتماعياً وقانونياً. وتناول الفصل الرابع استمراريات مشروع الدولة الحديثة في دراسة التراث، ومراجعة النظم القانونية وإصلاحها، والتمولات الاجتماعية، مع رصد أسس وتواريخ ردة الفعل الدينية، وحيثيات تصالح عناصر من الليبرالية العربية مع الدين، وتناول الفصل الخامس نماذج عن نضوج العلمانية الصريحة في مجالات الأدب والفكر ودراسة التراث، ثم التباس موقع الدولة الوطنية بالنسبة إلى الدين في سياق الصراع السياسي العربي الذي كان صدى للصراع الدولي بين الكتلتين الرأسمالية والاشتراكية. أما الفصل السادس، فقد جاء بمثابة استخلاص الباحث لنتائج تعلق بضرورة العلمانية في الوطن العربي الذي يعصف به التخلف الاقتصادي وتتجاذبه الصراعات الأهلية وطن من يجد مقراً تاريخياً منحها نحو المستقبل إلا إذا تصالح مع التاريخ واعتمد الديموقراطية والقبول بالتعددية منهجاً في إدارة الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية.