وصف الكتاب
تعاظم دور الخدمة الإجتماعية في مجال التعامل مع الأسرة مع ظهور وتطور الطب النفسي في العشرينيات من القرن العشرين، والإرتباط الوثيق الذي حدث بين الطب النفسي في العشرينيات من القرن نفسه، والإرتباط الوثيق الذي حدث بين الطب النفسي والخدمة الإجتماعية خلال تلك الحقبة.
مما دعا إلى إزدياد مسؤولية الإخصائي الإجتماعي حيال الأسرة؛ حيث كانت مسؤوليات تحديد المرضى؛ سواء أكانوا أطفالاً في عيادات التوجيه أم راشدين في يستشفيات الأمراض العقلية تقع على عاتق الطبيب النفسي، بينما يتعامل الأخصائيون الإجتماعيون مع الأسرة، أو بتعبير أدق مع مناطق الخلل داخل الأسرة.
إلا أن هيمنة نظريات الطب النفسي على أفكار الخدمة الإجتماعية خلال تلك الفترة أعاقت نمو مداخل متميزة للخدمة الإجتماعية، ومن ثم غلب على طابع الممارسة الموجهات النظرية للأمراض النفسية، والتي ترتبط بمشاكل الأسرة، وكنتيجة لذلك غلب على الطابع العلاجي إستخدام الإخصائيين الإجتماعيين للنظريات السيكودينامية عند التعامل مع وحدات الأسرة، ومن ثم ظهرت ظاهرة العلاج الأسري، التي تطورت حتى أنها ازدهرت في الخمسينيات من القرن الماضي لتقدم مفهوماً جديداً لممارسة الخدمة الإجتماعية مع الأسر.
وقد اعتمد الأساس النظري لهذا المدخل العلاجي، وكذلك جوهر الممارسة على ما يسمى بالمدخل التعددي Inter Disciplinary Approach ذلك المدخل الذي يهتم بتحقيق التعاون والفهم المتبادل بين المهن المختلفة التي تقدم المساعدة، وقد ساعد على ذلك زيادة إهتمام الإخصائيين الإجتماعيين به، حتى أنهم أطلقوا على أنفسهم بعد ذلك لقب ",معالجي الأسرة Family Therapists أكثر من إستخدامهم للفظ ",أخصائيين إجتماعيين",.
هذا ويعتبر ظهور العلاج الأسري من التطورات الهائلة التي حدثت في مهمة الخدمة الإجتماعية، حيث يعدّ أسلوباً تطبيقياً يستخدم في الكثير من الحالات، وتقوم فكرة هذا العلاج على تحقيق المقابلة مع الأسرة بكاملها في إطار تفاعلي ديناميكي، ويستفد هذا العلاج على مسلمة أساسية وهي أن الأسرة كوحدة طبيعية وحيوية تتكون من مجموعة من الافراد الذين يشتركون في هوية واحدة ويتأثرون بها عن طريق تبادل المشاعر والعواطف بين بعضهم البعض، وبهذا يهدف العلاج الأسري إلى تغيير بعض الجوانب في النسق الأسري، والتي تؤثر في قدرتها على تنظيم وإدارة شؤونها وتأدية مهامها كوحدة إجتماعية.
وإلى هذا يمكن القول بأن العلاج الأسري إنما يمثل إضافة جديدة في البناء المعرفي للعلوم الإجتماعية بشكل عام، وللخدمة الإجتماعية خاصة، هذا ولا زالت محاولات تطوير العلاج الأسري قائمة ومستمرة، ولا زالت مداخله متعددة.
من هذا المنطلق، يأتي هذا الكتاب الذي يتناول بشكل شامل موضوع العلاج الأسري، وذلك إسهاماً في تطوير الرعاية الإجتماعية في البيئة العربية، وهو موجه للقارئ العربي بصورة عامة، وعلى وجه الخصوص للعاملين في المجال الأسري من الباحثين والممارسين.
ويعتبر هذا الكتاب الأول من نوعه في البيئة العربية، والذي يتناول بشكل محدد وشامل العلاج الأسري في نطاق الخدمة الإجتماعية، وهذه لمحة عن أهم ما تضمنه الكتاب من مواضيع: 1-الأصول التاريخية للعلاج الأسري في العلوم الإجتماعية من حيث النشأة والتطور، 2-المعالج الأسري ودوره في التعامل مع المشكلات الأسرية، 3- الممارسة المهنية بإستخدام خطوات العلاج الأسري، 4-العلاج الأسري المبني على الادلة، 5-المدخل الأيكولوجي (البيئي) كواحد من أهم مداخل العلاج الأسري، 6-العلاج الأسري السلوكي، 7-إستخدام نظرية بوين في العلاج الأسري، 8-مدخل الوساطة الأسرية في العمل مع الأفراد والأسر، 9-ظاهرة مقاومة التغيير في العلاج الأسري، 10-إستخدام الجينوجرام في العلاج الأسري، 11-الميثاق الأخلاقي للمعالجين الأسويين الذي تصدره الجامعة الأمريكية للعلاج الأسري والزواجي، 12-عرض نموذج لخطة علاجية أسرية من منظور العلاج الأسري في خدمة الفرد، 13-دراسة وتحليل مجموعة من الدراسات التي أجريت في البيئة العربية حول العلاج الأسري.