إن التربية هي من أهم وأدق النشاطات البشرية التي تظهر حصيلتها بأشكال مختلفة على ظواهر المجتمعات وبواطنها، وتترتب على ممارسة أنواعها وكيفيتها نتائج خاصةومتنوعة يحكم عليها بعبارات حسنة وسيئة وقبيحة وجميلة. وللتربية قصة طويلة يمتد عمرها إلى زمن ظهور النوع الإنساني. والأنبياء هم أول من قام بالتربية المنظمة وتبلورت مكتسباتهم على أشكالها الحالية بعد حذف وإضافات على طول التاريخ.

إنمعالجة الآلام ورفع المشكلات التي يعاني منها البشر ينبغي البحث عنه في التربية وينبغي البحث عن سر بقاء وفناء الشعوب في نمط التربية. والشعب المتقدم هو الشعب الذي تكون تربيته متقدمة، والمجتمع المتخلف هو المجتمع الذي تكون تربيته متخلفة. وقد إتسع مدى نفوذ واستخدام التربية بسبب الإستخدام الشامل للتربية في الشؤون المختلفة للحياة، وظهرت فروع متعددة لها بعد انفصالها عن الفلسفة والاعتراف بها عملياً منذ أواخر القرن 19 الميلادي حتى عصرنا، ويتطلب اكتساب التخصص في كل منها وقتاً طويلاً.

ومن الفروع ذات الأهمية القصوى والعملية في العالم المعاصر هو فرع الإستشارة والإرشاد، وبسبب أهميتها اعتبرها البعض فرعاً مستقلاً ومرتبطاً بعلم النفس أو العلوم الإجتماعية من بعض النواحي ولعل استخدام المستشارين لفنون مختلفة ترتبط بهذه العلوم سبب هذا التصور والفهم. وأدى الإهتمام بالصحة النفسية ونحوها منذ بداية القرن العشرين إلى تأسيس هذا الفرع من العلوم البشرية على شكل علم مستقل كان الهدف منه توعية وإرشاد الجيل في اتجاه نيل حياتة سليمة وقلبليات بيئية ونفسية. وقد واجه المعاصرون للعصر الذهبي والطاقة النووية في ظروف النمو الصناعي وخاصة في القرن العشرينقضايا ومصاعب يمكن حلها ورفعها عن طريق توجيه من قبل أصحاب الرأي في هذا العالم.

وموضوع البحث في هذا الكتاب هو الإستشارة والإرشاد في المنظار الإسلامي والعاية بيان رأي ألإسلام في هذا الصدد ودراسته للقضية وفقاً للفكر والمنهج الإسلامي ولعله هذا يؤسس لمنهجية إرشادية تساعد على رفع المشكلات الإجتماعية التي تعاني منها الأمة الإسلامية.