وصف الكتاب
إن الصحة النفسية المنسجمة مع الطبيعة تعبير عن التآلف في النشاطين الإنفعالي والفكري والتكيف الإجتماعي للإنسان. والصحة النفسية، وفقاً لتعريف منظمة الصحة العالمية، هي قدرة الشخص الناضج على بناء علاقات متناغمة مع الأشخاص الآخرين، والإشتراك المبدع في تغيير الظروف البيولوجية (الحيوية) والإجتماعية للوسط المحيط.
إن الصحة النفسية تعبر عن أفضل تكيف (تأقلم) إجتماعي، إذ أن هذا التكيف الضروري للشخصية، يمنحها إمكانية تحققها الأقصى. وبحسب العالم والطبيب النفساني الألماني الشهير ",هـ.منغ",، فإن حفظ الصحة النفسية هو علم وتطبيق موجهان نحو صون الصحة النفسية لكل فرد وللمجتمع بأسره، وله مهمة تتمثل بدرء عملية نشوء وإنتشار الإضطرابات العصابية والأمراض النفسية (العقلية) وتشوشات وإعتلالات الطبع وإعتلالات المزاج.
إن التفكير السليم يحدد سلوك الإنسان، خلال تكيفه الإجتماعي؛ إن طب الأمراض النفسية والعقلية هو اختصاص طبي يبحث ويدرس الأمراض النفسية، في أسبابها وتولدها المرضي وأعراضها السريرية (العيادية) ووسائل علاجها وإتقائها.
إن النفس (الروح) تمثل مجموعة كافة العمليات النفسية، وعادة ما يدمج مفهوماً النفس والوعي عند الإنسان، لأن الحياة النفسية البشرية هي مبدئياً، حياة واعمة، وبين هذين المفهومين لا يمكن وضع علامة المساواة، والمرض النفسي ظاهرة بيولوجية، ولكنه أيضاً خاضع، إجتماعياً.
فالإضطرابات النفسية تشير بوضوح إلى تبعية إجتماعية بارزة ولافتة جداً، لأنها تتولد وتتحول من العوامل النفسية - الإجتماعية، لذلك فإن الوقاية والعلاج بالنسبة لمرض محدد، غير ممكنان، بلا تغيير الظروف الإجتماعية من وجهة مقبولة وإيجابية، مما يتطلب من الطبيب النفساني أن يكون كفوءاً سريرياً، وناشطاً فعّالاً في الحفاظ على الصحة الإجتماعية وفي الميدان الإجتماعي، ولحفظ الصحة النفسية، من الضروري توفر الحياة الصحية، التي تستلزم التوصل إلى الصحة الجسدية والنفسية والروحية.
كما يشكل تحقيق التآلف في النشاطين، الإنفعالي (العاطفي) والفكري (الذهني) للشخصية، جزءاً منها في الحياة المنسجمة مع الطبيعة، من أجل الهدف الأسمى ",الإنسان أولاً",، ولكي يحمي الإنسان صحته النفسية، عليه أن يتعرف على نفسه، ويحقق شخصيته في الحياة ويربي ويثقف ذاته، ويوجه أفكاره توجيهاً سليماً، ويتجنب صورة الإنفعالات السلبية، وبالتالي يتوجب على كل فرد بناء عادات الضبط الذاتي لحالته النفسية الشخصية، بعيداً عن العلل، إعتماداً على توافق أسلوب الحياة الصحي المتوازن القائم على التغذية السليمة والنظام الحركي الفعال والسلوك الحياتي المتناغم.
وفي هذا الصدد يستعرض هذا الكتاب أهم الإضطرابات والمشاكل النفسانية والمبادئ الرئيسية في العلاج والوقاية وإعادة التأهيل.