يهتم هذا الكتاب بدراسة التوظيف الإخباري الذي لم يحظَ بحيزٍ كبيرٍ ضمن الدراسات الإعلامية، لاسيما تحديد أساليبه، على الرغم من الأهمية الكبيرة لذلك، إذ أنَّ المعرفة العلمية لأساليب التوظيف التي تستخدمها القنوات الإعلامية في تغطيتها للأحداث المختلفة تساعد في بلورة تصور علمي عن الآثار التي يمكن أن تنتج عن ذلك على الجمهور.
ففي الوقت الذي يركّز فيه المفهوم الإعلامي فيما يتعلق بالأزمات على أنَّ المهم ليس ما حدث ولكن ما يتصور الناس انه حدث، فقد جاء المنظور الإعلامي لتلك القنوات ليعكس مصالح واتجاهات محددة إزاء الأزمات التي تعالجها ضمن نشراتها الإخبارية، فأنتجت الرسائل بأشكال عديدة لتصبّ بمجملها في مسار التوظيف الإخباري لوقائع وأحداث الأزمة، بما يخدم الأهداف التي يسعى القائم بالاتصال إلى تحقيقها عن طريق أساليب متعددة قد يصعب على المشاهد العادي تمييزها، ما يؤشر خطورتها على الفرد الذي يستقبلها ويتأثر بإيحاءاتها وفقاً لما تهدف إليه تلك القنوات من بلورةٍ لرؤى محددة في أذهان الجمهور ومحاولة تشكيل الرأي العام العربي بما يتناسب مع سياسة الدول أو الجهات الممولة لها، أو على الأقل التأثير فيه بهذا الاتجاه.