وصف الكتاب
الدعوة إلى الله تعالى إعلامٌ بشرعه، ودلالةٌ على دينه وهديه، وأمة الإسلام هي أمة الدعوة إلى الخير، والتداعي إلى الفضل، ومن ثَم فإن رسالة الإعلام في الإسلام لا تنفك عن الدعوة بحال؛ لأنه في حقيقته بلاغٌ مبين لحقائق هذا الدين، بكل أسلوب شائق ووسيلة تتفق في سموّها ونقائها مع مضمون الدعوة الرائق, والإعلام بالإسلام عبادةٌ جليلة تنضبط بالتوجه إلى - الله تعالى - إخلاصًا وتوحيدًا، وبالاتباع نهجًا وتطبيقًا، قال تعالى: ",قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ", وطابع الإعلام الإسلامي طابع ريادي متميز في وجهته وأهدافه، ومبادئه ومقاصده، وعرضه وأسلوبه؛ ذلك لأنه يستمد من معين البلاغ القرآني المعجز، والخطاب النبوي الجامع المانع. وإذا كان الإعلاميون المعاصرون يعبرون عن الإعلام بأنه «تزويد الجماهير بالمعلومات الدقيقة، والأخبار الصحيحة، والحقائق الثابتة والسليمة التي تساعدهم على تكوين رأي صائب»؛ فإن الإعلام الإسلامي هو «أداة ووسيلة نقل مضامين الوحي المعصوم ووقائع الحياة البشرية المحكومة بشرع الله - تعالى- إلى الناس كافة».
وإذا كان الإعلام الدولي المعاصر اليوم قد فقد موضوعيته؛ نتيجة انحيازه السياسي تارة، أو الاجتماعي أخرى، أو الديني ثالثة؛ فإنه بذلك يكون قد خرج عن مفهوم الإعلام ليدخل تحت بند الدعاية المتجردة من الصدق أو الموضوعية. ويبقى الإعلام المنتسب إلى الإسلام بنسبة صحيحة هو الإعلام الوحيد الذي يعمل في المجال المحلي أو الدولي، وفق سياسة واحدة لا تتغير بتغيُّر الزمان أو المكان، ولا تتكون أو تنحرف مرضاة لفئة، أو محاباة لطائفة, ولأن الإعلام اليوم هو إعلام تقني، يقوم على تقنية الاتصالات الرقمية الرهيبة، والتي استغلها أعداء الإسلام للنيل منه فيما يسمونه بعولمة الثقافة، التي هي الصيغة الحديثة للغزو الفكري والتغريب، فإنه لم يكن من اللائق بمسلمي هذا الزمان أن يقفوا عاجزين أو يائسين في مواجهة هذا الاختراق الثقافي والفكري العالمي لثوابتهم، ومن ثَم فقد جاءت تجربة القنوات الفضائية الإسلامية كمحاولة للتعاطي مع سيل الظواهر التغريبية التي تحيط بالأمة من كل فضاء وتهبط عليها من كل سماء, فهل حققت تلك الفضائيات رسالتها؟ وما التحديات التي تواجهها؟ وما الأفق المستقبلي لها؟ هذه الأسئلة وغيرها تسعى الدراسة التي بين أيدينا - والتي ندعوك لقراءتها - للإجابة عنها بمنهاجية علمية وبنظرة تقييمية استشرافية.