لم ينقل التشريع الإسلامي جانباً الحياة إلا ووضع لها ما يكفل سيرها بانتظام وبلوغها الغاية التي تحقق سعادة الفرد والمجتمع والطفل هو الآخر كان موضع عناية التشريع الذي كفل له حقوقه وهو جنين. وأوجب على الوالدين رعايته وتوفير العيش الكريم له، حتى أنه جعل اختيار الاسم اللائق حقاً للطفل على والديه.

ومن منطلق فهم الإسلام لدور البيئة والوراثة في تنشئة الطفل جاءت هذه المحاضرات التي يضمها هذا الكتاب، والتي سلط فيها الضوء على المنهج الإسلامي في تربية الطفل الذي لا يغفل أثر الفطرة واستعدادات الفطرية فيشير المحاضر إلى الموانع والحواجز التي تعد القوانين الوضعية الخروج عليها ذنباً وإجراماً، وقد أوجب الإسلام على إتباعه مراعاتها والالتزام بها لأن الجري وراء ما يخالف القوانين الكونية والصحية والاجتماعية ممنوع في القانون الإسلامي، لكن الإسلام يخطو خطوة واسعة إذ فتح باب التوبة للإنسان المذنب والمسيء.

ويعرض المؤلف للآراء البشرية حول السعادة فيؤكد أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يبني أساس السعادة البشرية على مبدأ الواقع أو الفطرة فهو ينظر إلى الإنسان من جميع جوانبه المادية والمعنوية والروحية والجسدية. ويربط بين موضوع السعادة والشفاء وعلاقتهما برحم الأم، مبيناً العوامل التي تؤدي إلى حصول الطفل على السعادة في رحم الأم.

ويبحث المؤلف في التربية والأدوار التي بعد الولادة ويبحث أثر التربية في سلوك الفرد والتي تتجاوز أهميتها أهمية الوراثة إلى حد كبير والتربية يجب أن تبنى على عاملين مهمين: إحياء الاستعدادات الفطرية المفيدة، وإماتة الميول المنحرفة والاتجاهات الشريرة. ويبحث المؤلف في دور العواطف وأثرها في تنمية المشاعر من الناحيتين العلمية والدينية ليبحث فيما بعد في دور الأسرة في التربية إضافة إلى دور الإدراكات الباطنية والغرائز الإنسانية في عملية التربية.

كما يعرض المؤلف إلى مسؤولية الوالدين في هذه العملية المعقدة التي وضع الإسلام أسسها وكفل نجاحها إن أحسن الوالدان إتباع تعليمات الدين الحنيف. وبحق فإن المحاضرات تفتح الباب واسعاً أمام الأسرة المسلمة التي تحرص على تنمية الإيمان في نفوس أبنائها. كما يمكن القول أن المحاضرات بمجملها وضعت الأسس لعلم نفس تربوي مبني على تعاليم الإسلام.