وصف الكتاب
يواجه الإنسان عبر سني حياته مواقف شتى، يوسم بعضها بانها مواقف عادية سوية يمر بها كافة البشر، ويوصم بعضها الآخر بأنها مواقف غير عادية ولا سوية، ويمر بها فئة قليلة من الناس، وتقع الخبرات العصبية الضاغطة، والصدمات العنيفة الموجعة تحت الفئة الأخيرة غير العادية، التي يعد المرور بها وتجربتها خبرة صدمة عنيفة.
والحوادث الصدمية موجودة منذ وجد الإنسان، بعضها طبيعي والآخر من صنع الإنسان، فأما الكوارث الطبيعية فأمثلتها الزلازل والبراكين والأعاصير والفيضانات؛ على أن القرن العشرين، والذي نعيش السنين الأخيرة فيه، شهدت العقود الأخيرة منه بوجه خاص تزايد معدلات الحوادث الصدمية التي هي من صنع البشر Man- Made كالكوارث التكنولوجية (كإنفجار مفاعل ",تشيرنوبل", في روسيا)، وتسرب الغازات، وتحطم الطائرات، والعنف والحروب والجرائم وبخاصة القتل والإغتصاب، والأسر والإعتقال والإرتهان والخطف والتعذيب.
ومن الممكن أن نفترض - ونحن نقف على أرض صلبة - أن معدلات الحوادث الصدمية التي هي من صنع البشر في تزايد مستمر، فقد شهد هذا القرن حربين عالميتين طاحنتين، ما يزال يُعالَج بعض جنودهما حتى الآن من إضطرابات نفسية ناجمة عنهما، بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها بقليل نشب - في مختلف قارات هذا العالم - مائة وخمسون حرباً منذ عام 1945 وحتى عام 1994، نتج عنها موت اثنين وعشرين مليوناً من الأشخاص، وفي تقدير أُجري عام 1993 اتضح أن هناك ثماني وأربعين دولة من دول العالم نشبت بينها حروب أو حدثت فيها نزاعات داخلية.
وقد وُضعت لردود الأفعال الإنسانية للأحداث الصدمية أسماء مختلفة، فسميت عُصاب الرعب (كريبلين)، وإرتجاج العمود الفقري الراجع إلى صدمة عنيفة (إريكسين)، وعُصاب التعويض حيث يتزايد معدل المرض نتيجة حوادث السكك الحديدية بعد إدخال قوانين التعويض (ريجلر)، والسُّواد (الإكتئاب الشديد) والوُطَان أو الأُبابة (الجنين إلى الوطن) الذي بدا على الجنود إبان الحرب الأهلية الأمريكية وغيرها...
ولأهمية هذا الموضوع قسم الكتاب إلى ثلاثة أبواب تضم سبعة عشر فصلاً، يشتمل الباب الأول: الخبرات الصدمية على خمسة فصول: ضغوط الحياة وصدماتها، ونبذة تاريخية عن الضغوط والخبرات الصدمية، والإستجابة للأحداث الصدمية، ومعدلات إنتشار الأحداث الصدمية وإضطرابها، والتغير المعرفي في أثناء الازمات؛ ويعرض الباب الثاني لإضطراب الضغوط التاية للصدمة، ويضم خمسة فصول: أعراض إضطراب الضغوط، وتفسير الإضطراب، والمحكات التشخيصية، وطرق التشخيص، ونبذة عن العلاج.
أما الباب الثالث فيقدم نماذج للصدمات، ويحتوي على سبعة فصول: نماذج للأحداث الضاغطة، والكوارث الطبيعية، والإغتصاب، والحروب، وحرب فيتنام، والعدوان العراقي على الكويت، ويختتم الكتاب بنماذج لدراسات نفسية في آثار العدوان العراقي.