وصف الكتاب
الكائن البشري هو صانع الحرب وأداتها الأولى. وتستخدم الحرب جميع قوى هذا الكائن المادية والفكرية والعاطفية الكافية. ولكن القدرة البدنية التي يبذلها المقاتل الفرد في الصراع، والتي تتزايد بشكل واسع بفضل قوة أسلحته، وتتضاعف بعدد رفاقه المنظمين، وتسير حسب توجيهات القائد، أن هذه القدرة فقدت جزءاً كبيراً من مكانتها، ولم تعد في المعركة الحديثة إلا عاملاً ثانوياً إضافياً، ولكنها مع ذلك عامل ضروري...
كل هذا يعني أن مجموعة القوى العقلية للإنسان هي تحرك الحرب فمنها تنبثق الإرادة وأساليب القتال وتنظيمه وشكله، ولا عجب في ذلك، فهي اكبر قوة في العالم، وهي التي بدلت سطح الأرض، وشيدت الحضارات وقوضتها. تتمثل النشاطات العقلية الواعية للإنسان منذ زمن بعيد على شكل نشاطات فكرية ومعنوية وجمالية ودينية واجتماعية، وفي هذا الكتاب يبحث المؤلف ",جان بيريه", في النشاطات الفكرية والمعنوية التي تحدد عمل الكائن في الحرب، مقسماً مادة مؤلفه إلى دراستين: الأولى جاءت تحت عنوان الذكاء والحرب ومنها يشرح المؤلف العلاقة القائمة بين الذكاء والحرب، ودور القائد، وموقفه الفكري في معضلتين من معضلات الإعداد للحرب وهما تنظيم القطاعات، وضع نظام خاص للتسليم، ُمظهراً القواعد التي يخضع لها القائد في هذين المجالين، وهدفه تحديد الخطوط العريضة للحقل الخاص بإنشاء الفكر الحربي، وإبراز القواعد التي ينبغي عليه تطبيقها. أما الدراسة الثانية فجاءت تحت عنوان القيم المعنوية والحرب وفيها يسلط المؤلف الضوء على جميع العناصر المعنوية التي تؤمن التماسك النفسي للمحارب في مواجهة المجهول، بدءاً في أسمى هذه العناصر إلى اقلها نبلاً وهدفه إبراز عملياتها المتشابكة وتأثيرها على تسير دفة القيادة والحرب.
الكائن البشري هو صانع الحرب وهو أداتها الأولى. وهو يضع في خدمة العمل الحربي كل قواه المادية والفكرية والنفسية. ولكن تطور فنّ الحرب تحت تأثير التقدم العلمي والتكنولوجي، قلل من أهمية استخدام قوة الإنسان المادية في الحرب، وجعل القويتين الفكرية والمعنوية في الدرجة الأولى.
ويقدم هذا الكتاب دليلاً على مكانة الفكر، الذي تنبثق منه الإرادة القتالية وأساليب تنظيم القوات واستخدامها، ويحدّد العلاقة بين الذكاء والحرب، ويشرح مواقف القائد الفكرية عند اتخاذ القرار، ويسلط الضوء على القيم المعنوية التي تؤمّن التماسك النفسي للمحارب في مواجهة المجهول، وتجعل القطعة العسكرية وحدة متماسكة، رغم عوامل التفتت الناجمة عن الخطر والإجهاد وغموض المواقف.