الجيوش النظامية للحكومات قد تهزم أو تنتصر، إلا أن الشعوب لا تقبل الهزيمة وهي وإرادتها الحرة التي لا تقهر، وهذا ما برهنت عليه تجربة المقاومة العراقية في مطلع القرن الحادي والعشرين وتميزت بحجمها وكثافتها وتعدد مستويات الصراع فيها وتداعياتها العميقة محلياً وإقليمياً ودولياً.

تقف هذه التجربة اليوم في مصاف التجارب العالمية لحركات التحرر الوطني والإنساني، ورغم إصرار الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها للتعتيم على إنتصارات هذه المقاومة وإنجازاتها في محاولة منها لإعماء الرأي العام العربي والعالمي وحجب حقيقة وجوهر هذه المقاومة، ورغم إن ظاهرة المقاومة العراقية لم تحظ حتى الآن بالإهتمام اللازم نمن الكتاب والباحثين بما ينسجم ومستوى إنجازاتها، فإن هذه المقاومة ستفصح عاجلاً أم آجلاً وكلما مر الوقت عن حقيقة تاريخية حاسمة في كونها قد نسجت أسطورة لمقاومة شعب في مواجهة أعتى غزو في مطلع القرن الحادي والعشرين، وتمكنت بمفردها من إجهاض وقبر الأحلام المريضة لإمبراطورية الشر الأمريكية في العراق والمنطقة؛ وقدمت درساً عراقياً بليغاً للشعوب المقهورة في كيفية إنتزاع النصر في مواجهة العدوان مهما كان جبروته...

ويمكن القول بأن التغييرات التحويلية التي أحدثتها تداعيات المقاومة العراقية على مستوى توازن القوة إقليمياً ودولياً لم تعط حتى الآن كافة نتائجها، وملامح هذه المقاومة التي يحاول هذا الكتاب رسمها لا تعنى على الإطلاق تبلور وإكتمال نتائج الصراع التي قد تبدو من الناحية الظاهرية أنها تميل إلى الإستقرار إلا أن إحتمالات التحول كامنة ومستمرة لأن مولدات الصراع الأصلية ومحركاته لا تزال باقية كما هي.

... هذا الكتاب يقدم تجربة المقاومة العراقية الوطنية وفق رؤيا علمية ومعايير موضوعية، فيعرض إلى طبيعتها، إنطلاقتها، مراحل تطورها، إنجازاتها، معوقاتها... وآفاق مستقبلها.