سعى الإنسان منذ بدء الخليقة إلى السيطرة والتحكم بالموارد الطبيعية وتسخيرها لخدمته وتحقيق أغراضه، وقد اعتمد في العصور الأولى على قدراته الذاتية وقدرات الحيوانات لتحقيق ذلك، استعان بعدها بالآلات والمعدات يدوية التشغيل لتحقيق الأداء المطلوب، واستمرت الحال على ذلك حتى بداية القرن العشرين حيث أنجزت أعمالاً كثيرة في مجال منظومات التحكم وبخاصة في مجال القدرة والصناعات الكهربائية وصناعة الطائرات، وأدت متطلبات صناعة منظومات أسلحة متطورة من غواصات وطائرات وما شابهها إلى تطور كبير في منظومات التحكم الآلي قبل وبعد الحرب العالمية الثانية، وبصناعة الحاسبات الإلكترونية وتطور العلوم الإلكترونية تحولت دراسة منظومات التحكم الآلي إلى علم قائم بذاته، وأخيراً دفع عصر الفضاء وسباق التسلح هندسة التحكم الآلي إلى تطور وتقدم هائل جداً لم يسبق له مثيل.

ولمواكبة هذه التطور الهائل في هندسة التحكم الآلي قامت الجامعات بتدريس موضوع هندسة التحكم الآلي كمادة منفصلة في العديد من أقسام الهندسة الكهربائية والميكانيكية والكيماوية وهندسة السيطرة ونظراً لأهمية الموضوع وبغية إغناء المكتبة العربية التكنولوجية التي تعاني من نقص حاد في عدد الكتب المعربة لهذا الإختصاص ثم إعداد هذا الكتاب كإسهام متواضع ليسد فراغاً واضحاً في هذا المجال.

لقد أعد هذا الكتاب إعتماداً على مجموعة المحاضرات التي ألقاها المؤلف على طلبة الصفوف المنتهية بقسم الهندسة الكهربائية في جامعة البصرة لسنوات عديدة وبالإستعانة بالعديد من المراجع والمصادر الأجنبية المختلفة، قسم الكتاب إلى عشرة فصول وملحق بحيث تغطي هذه الفصول أساسيات هندسة منظومات السيطرة ومفردات مناهجها الدراسية بمستوى مرحلة دراسة البكالوريس، وقد روعي بذلك إعتماد البساطة والسلاسة والإكثار من الأمثلة المحلولة لتوضيح المفاهيم الأساسية والنظريات وطرائق التصميم لإستيعابها من قبل الطلبة ومن ثم فسح المجال أمامهم لبيان قدراتهم ومدى إستيعابهم للمادة من خلال العشرات من التمارين التي ترك حلها لهم، وقد تم تنقيح الكتاب ومراجعته في ضوء التطورات الحديثة في هندسة منظومات السيطرة ليكون الكتاب مواكباً لهذه التطورات بطبعته الثانية.