وصف الكتاب
إن البحث فى الشخصية الاقليمية لم يكن من عمل الجغرافيين وحدهم، بل بحث فيه المؤرخون كثيراً
ولكن طريق الجغرافيا ربما كان أكثر غنى وتنوعا فى المناهج والطرائق حيث إنه يجمع بين الزمان والمكان ابتداء من الجيولوجيا حتى الأركيولوجيا، ومن الفلك حتى الانثروبولوجيا. ولهذا نجد الشخصية الاقليمية مطلبا أثيرا بين كبار الجغرافيين ابتداء من ",لابلاش", حتى ",حزين",في دراساته الأصيلة المتعددة عن البيئة والموقع فى مصر عبر التاريخ.
ولكنا نرى أن فن تناول المادة العلمية لا يكفى وحده للتشخيص الاقليمة، بل لابد من اطار من ",فلسفة المكان",، اطار يحدد تلك الشخصية. لهذا فنحن أيضا مع ",دبنام", حين يعرف الجغرافيا بأنها ",فلسفة المكان", ولا يعنى هذا فلسفة محلقة غامضة، بل فلسفة عملية واقعية قد ترتفع برأسها فوق التاريخ ولكن تظل أقدامها راسخة فى الأرض، فلسفة تحلق بقدر ماتحدق.
ولئن بدا أن هذا يجعل للجغرافيا منهجا خلاسيا متنافرا يتارجح ما بين علم وفن وفلسفة، فاننا نبادر فنذكر بأن الجغرافيا نفسها وبطبيعتها علم متنافر غير متجانس فى مادته الخام، وليس غريبا أن يكون كذلك فى منهجه. ويحسم ",ستامب", الموقف بإيجاز حين يقول ",ان الجغرافيا فى نفس الوقت علم وفن وفلسفة", والبحث الحالى يحاول أن يرسم صورة عريضة ولكنها دقيقة بقدر الامكان لشخصية مصر ومصر لا شك موضوع مثالى لمثل هذا البحث نظرا لما تمتاز به من طبيعة جغرافية واضحة الحدود، ولما تمكله من تاريخ ألفى حافل.
وليست هذه أول دراسة من نوعها فى مصر بطبيعة الحال، وان حاولنا أن تكون وافية دون اطناب. كذلك لا يمكن لمثلها أن تكون نهائية أبدا، ولكنا نأمل أن تلقى من الضوء مثلما تنفث من الحرارة على شخصية من أغنى الشخصيات الاقليمية وأكثرها ثراء وتعددا فى الجوانب والابعاد.