وصف الكتاب
يشكل قطاع الإنشاءات في الأردن أكثر من ( 10%) من الناتج القومي الإجمالي بحجم الإنفاق على المشروعات الإنشائية المختلفة وهو بذلك يمثل المحور الهام الذي يلعب دورا فاعلا في سير عجلة الاقتصاد الأردني عن طريق توفير البيئة المناسبة للتنمية وتشجيع الاستثمار . وتلعب المشروعات الإنشائية في ذلك، الدور الرائد وخاصة مشروعات البنية التحتية من نقل واتصالات وأشغال عامة ومشروعات خدمية والمياه والري وغيرها . فمن المعروف، أن المباني والطرق والأعمال الإنشائية الأخرى مثل الجسور وطرق المواصلات ومحطات المياه وتنقية المجاري ..، كل هذه الأمور وغيرها تشكل البنية التحتية الأساسية للفعاليات الاقتصادية المختلفة . وبالرغم من أن العديد من الباحثين يعتبرون مشروع مانهاتن – تطوير أول قنبلة ذرية – هو باكورة مشروعات العصر الحديث، ألا أن العصور الماضية لم تخل من ممارسة إدارة المشروعات بشكل أو بآخر لوجود الحاجة الى إدارة مجموعة من الموارد لتطوير وإيجاد ناتج جديد معين . فالأهرامات في مصر مثلا، ما هي ألا نوع من المشروعات التي قامت بها مجموعات من البشر باستغلال الموارد المتاحة آنذاك ليخرج للوجود هذه الأهرامات ضمن فترة زمنية محددة . ونفس الحال ينطبق على سور الصين العظيم وجنائن بابل المعلقة في العراق، أما المدن الأثرية الرومانية بشوارعها ومبانيها ونظم الري فيها، وخير مثال على ذلك، مدينة جرش الأثرية ومدينة ",البترا", في الأردن، فما هي ألا شواهد على أنواع مختلفة من تلك المشروعات العملاقة. وقد تكون التسمية مختلفة من مشروعات إنشائية وتتباين إحجامها ودرجة تعقيداتها مما تدل عليه عمليات الكشف والتنقيب الأثرية. أن طبيعة هذه المشروعات الملموسة ووجودها المادي هو الذي يسهل الدلالة عليها ويجعلها قائمة على مدى العصور، ألا أنه من الناحية الأخرى، فأن المشروعات غير الملموسة ذات الطابع الفكري كبرامج الرعاية الصحية أو برامج تطوير الزراعة يندر ذكرها وذلك لكون تقنيات ووسائل خزن المعلومات والأهتمام بتوثيقها لم تكن بالمستوى العالي المطلوب لديمومتها . ونتيجة لهذا المستوى من التراث الملموس كما ونوعا، فأنه لابد أن هذا الأمر قد رافقه مشروعات ذات الطابع الفكري أيضا وفي مقدمتها مسلة حمورابي والتشريعات التي تحملها. وقد تبلورت فكرة ومفهوم المشروع في الوقت الحاضر كنتاج مما أفرزته بيئة الأعمال والصناعات المختلفة التي تتسم بالتغيير والحاجة الدائمة لتطوير أسواق ومنتجات جديدة وهذه بدورها تتطلب أنماط تنظيمية جديدة، وكانت دوما المشروعات هي الأداة الإدارية الشافية لمثل هذه الأنماط. وقد أخذت إدارة المشروعات النصيب الأوفر من الاهتمام في الشركات وخاصة تلك التي تبحث عن تقنيات جديدة لإدارة المشروعات بشكل ملحوض ومتزايد حتى تتلائم مع معطيات البيئة المتغيرة معتمدين بذلك على عاملين أساسيين هما : درجة تعقيد المشروع . الظروف المحيطة بالمشروع (أي بيئة المشروع) من حيث التغيير أو الاستقرار، وبالتالي فأن أي شركة أو صناعة ومنها على سبيل المثال، صناعة الحواسيب والصناعات الهندسية المتقدمة ..، تتصف كلها بمهام معقدة وبيئة متغيرة مما تظهر إلزامية إتباع أسلوب إدارة المشروعات في تصريف برامجها. ويرافق عادة تطور إدارة المشروعات حدوث تغيرات قد تكون جذرية في داخل المنظمة مما جعل الكثير من الشركات تتجنب إتباع هذا التطور أو قبول هذه التقنيات والادوات الادارية الجديدة رغم مزاياها الايجابية المتمركزة في إمكانية انجاز المهام التي يصعب انجازها بالنظم التقليدية وانجاز هذه الفعاليات بكفاءة وفاعلية . ومن ناحية أخرى، يتوجب التأكيد على أن إدارة المشروعات صاحبتها بعض المشكلات التي جاءت نتيجة لأسباب عديدة من بينها : محدودية الموارد وصلاحيات مديرو المشروعات. التزام المؤسسة بالمواعيد والبرامج المقررة مما أثر على الخطط طويلة الأمد . ضعف تطور التدريب المتخصص لعدم ثبات العاملين ونقلهم من مشروع لآخر . المنافسة على المهارات والاحتياجات الجديدة التي تؤثر على استقرار المنظمة أو المشروع. ويقوم مديرو المشروعات في معظم الأحيان بعملية التخطيط والجدولة والرقابة على مشروعات تحتوي على أعمال ومهمات متفرقة يتم تأديتها من قبل مختلف الدوائر والأفراد . وفي الغالب تكون هذه المشروعات كبيرة ومعقدة وتتألف من الكثير من الفعاليات المختلفة . ونتيجة لذلك، قد تتعثر العديد من المشروعات عن مواعيد تسليمها لعدم سهولة الربط فيما بين فعالياتها المختلفة من جهة، والضعف في معرفة عوامل التتابع المنطقي بالشكل الكافي من جهة أخرى . يضاف الى ذلك، الضعف في التوظيف الكامل لعلاقات التتاببع المنطقي الممكنة في جدولة هذه المشروعات واستخدام الأساليب التي قد تخلوا تماما من هذا النوع من المحددات في عملية الجدولة . لذا اصبح من الضروري على مديرو المشروعات البحث والتقصي عن طرق وأساليب تخدمهم في الإجابة عن عدة تساؤلات مثل ما هو تاريخ الإنجاز المتوقع للمشروع وتاريخ الابتداء والانتهاء المجدولة لكل فعالية . كذلك ما هي الفعاليات الحرجة وكم يتوفر من الزمن الفائض للفعاليات غير الحرجة الذي يمكن انتظاره إذا كان ذلك ضروريا من دون أن يحدث أي تأخير يذكر للمشروع ككل وغيرها من التساؤلات. ومن خلال هذا المنظور لإدارة المشروعات، فقد استطاع المؤلف ومن خلال خبرته في هذا المجال الذي يعتبر جزءا مهما من إدارة العمليات، استطاع تنظيم وترتيب هذا الكتاب لكي يستخدم من خلال دورة حياة المشروع على أساس أنه الدليل التنظيمي الأولي في إدارة المشروعات. وبعد المقدمة عن موضوعات الكتاب والمتعلقة بمفهوم المشروعات، فقد أحتوى الكتاب على الهيكلية التي نطمح أن تكون قد توافقت مع موضوعات هذا الجهد المتواضع. لقد تم تقسيم الكتاب الى ثلاثة أبواب وأربعة عشر فصلا بالإضافة إلى الملاحق والأسئلة التي تم ترتيبها على شكل ملاحق في نهاية الكتاب. فقد جاء الباب الأول ليغطي موضوعات مفهوم وطبيعة إدارة المشروعات من خلال أربعة فصول قد غطت بشكل متكامل كافة الموضوعات المتعلقة بمفهوم إدارة المشروعات ومراحله المختلفة والهياكل التنظيمية المستخدمة في المنظمة. كما وقد احتوى الفصل الثالث على المداخل النظمية في إدارة المشروعات وخاصة نظم التفكير التي نعتقد بأنها قد أضافت بعدا مهما للموضوع. أما الفصل الرابع فقد استعرض الموضوعات المتعلقة بالقيادة والجودة والمعلوماتية في إدارة المشروعات. أما الباب الثاني من خلال احتواءه على الفصول الخامس – السابع، فقد غطى الموضوعات المتعلقة بدورة حياة المشروع ودراسات الجدوى وذلك للأهمية الكبيرة التي تحتلها مثل هذه الموضوعات في إدارة المشروعات. حيث ركز الفصل الخامس على تطوير دورة حياة وتقديرات المشروع في حين أن دراسة الجدوى الفنية والاقتصادية قد استحوذت على الفصلين السادس والسابع بالإضافة إلى التحليل المالي. وقد أحتوى الباب الثالث على سبعة فصول (الفصل الثامن – الفصل الرابع عشر) والتي غطت بالتفصيل جميع الموضوعات المتعلقة بمراحل تخطيط وتنفيذ المشروع. فالفصل الثامن استعرض بالكامل القضايا المتعلقة بالتخطيط والسيطرة على المشروع، في حين أن الفصل التاسع قد ركز على جدولة فعاليات تنفيذ المشروع باستخدام أدوات التحليل الشبكي في عرض القضايا المتعلقة بالجدولة والسيطرة على الفعاليات بالإضافة إلى تخصيص الموارد لها. في حين تركز الحديث في الفصل العاشر والفصل الحادي عشر على موازنة المشروع وتقديرات الكلف بالإضافة إلى السيطرة على المشروع. ومن الجدير بالإشارة هنا، إلى أن الفصل الثاني عشر قد استعرض بالتفصيل إدارة الخطر في المشروعات، أما الفصل الثالث عشر فقد استعرض جميع القضايا المتعلقة بتقييم المشروع وإنجازه. وقد جاء الفصل الرابع عشر والأخير لكي يتناول بالتفصيل الأمور المتعلقة بتطبيقات هندسة القيمة في إدارة المشروعات والتي تعتبر بحد ذاتها القيمة المضافة إلى موضوعات هذا الجهد المتواضع الذي نقدمه الى الطلبة والدارسين بالإضافة إلى مديرو المشروعات والعاملين في هذا القطاع . كما ونعتقد بأن هذا الجهد سوف يساعد الزملاء المدرسين الذين يقومون بتدريس مادة ",إدارة المشروعات", في الجامعات.