وصف الكتاب
في هذا الجزء الثاني الذي نقدمه اليوم للأساتذة والباحثين والطلبة والتلاميذ وعموم القراء تحت عنوان ",العقلانية وإنتقاداتها", نود أن ننتقل من الحديث عن العقل الظاهر المنتصر، كما عبرت عنه التيارات العقلانية الكلاسيكية (ديكارت - كنط - هيجل)، إلى تقديم صورة وافية عن موجة الإنتقادات التي واجهت العقل والعقلانية في الفكر الكوني الحديث المعاصر الذي دشنه نيتشه، وطوره هيدجر وإتجاهات ما بعد الحداثة.
إن أعنف وأعمق نقد تعرض له العقل هو النقد النيتشوي، الذي عاب على الفلاسفة تنصيبهم للعقل صنماً جديداً تقدم له كل فروض الولاء، في حين أن العقل حسبه ليس إلا قناعاً لإرادة القوة والسيطرة؛ فالأفكار ليست إلا أعراضاً تكمن وراءها أجسام وإرادات ورغبات أولها الرغبة في السيطرة؛ ووراء العقل إرادة قوة، إلا أن نيتشه يلطف من هذا الهجوم الكاسح بقوله أنه ليس ضد العقل والعقلانية بقدر ما هو مناهض لكل مظاهر تصنيم العقل وعبادة المعقولية التي استشرت في الفلسفة الحديثة.