هدفنا سهولة الحصول على الكتب لمن لديه هواية القراءة. لذا فنحن نقوم بنشر اماكن تواجد الكتب إذا كانت مكتبات ورقية او الكترونية
ونؤمن بان كل حقوق المؤلفين ودار النشر محفوظة لهم. لذلك فنحن لا نقوم برفع الملفات لكننا ننشر فقط اماكن تواجدها ورقية او الكترونية
إذا اردت ان يتم حذف بيانات كتابك من الموقع او اى بيانات عنه، رجاءا اتصل بنا فورا
إذا اردت ان تقوم بنشر بيانات كتابك او اماكن تواجده رجاءا رفع كتاب
قراءة و تحميل pdf فى كتاب : فلسفة العلم ؛ بحوث متقدمة في فلسفة الفيزياء والعقلانية والتزامن والعقل والدماغ
لا يستطيع الباحث في مجال الفلسفة أن يتجاهل التطورات العلمية الدقيقة في العلوم الطبيعية، لا سيما في علم الفيزياء، فالتعميم الفلسفي نزوع خطير لدى الباحث، تشوبه سلبيات التسرع، وتجاوز التفصيلات الدقيقة التي قد تنطوي على معانٍ ودلالات مهمة للفهم الفلسفي المعمق. فالصور المتتابعة للكون التي تعرضها الفيزياء المعاصرة، تطيح التالية منها بالسابقة، فضلاً عن حدوث خرق لبعض المبادئ العلمية، والمبادئ الفلسفية. فظنّ عدد كبير من العلماء أن التطورات الجديدة في علم الفيزياء، سواء في النسبية الخاصة والعامة لأينشتين، أو النظرية الكمية (الكوانتم)، أطاحت بالمبادئ الفلسفية ذات الطابع العقلي المحض، مثل السببية، والاتجاه الطبيعي لحركتها، وبمبدأ عدم التناقض أحياناً، بل شملت إنكار الواقع الخارجي أحياناً كثيرة، كما أشار إلى ذلك أينشتين وانتقده بشدة.
ضمن هذا الإطار تأتي أبحاث هذا الكتاب التي حاول الباحث من خلالها متابعة شبكة النظريات والأفكار العلمية، وهي تتولد من تبصرات جديدة في الواقع الدقيق للعالم، تلك الشبكات المفهومية الجديدة التي لا يمكن للفيلسوف أن يتجاهلها وهو يستنطق الواقع لإعادة رسم خريطته في كل مرحلة تاريخية وتحول علمي جديد.
وقد قام الباحث بعرض التطورات العلمية، ومناقشة أبعادها الفلسفية من دون إطناب، وتوسيع، بل هو حاول الاختصار بالتعليق على تلك التطورات، وأحكام العلماء العلمية والفلسفية حولها، وغالباً ما كانت أحكامهم الفلسفية ضعيفة يشوبها الغموض، والخلط بين الطريقة، والواقع الموضوعي، بل انطوى بعضاً على مغالطات، حاول الكشف عنها وحلّ إبهامها.
إذ أن التطورات العلمية، والمفاهيم المستحدثة، لا يمكنها أن تتجاوز واقعية العالم الخارجي، وإلا نسفت أساسها وقوّضت قواعدها، ولذلك رأى الباحث أن تلك المفاهيم السالبة، المسبوقة بأداة نفي معرّفه (اللا...) تحتاج إلى تفسير فلسفي يضعها في موضعها الصحيح. صحيح أن العلماء لا يعنون كثيراً بالأبعاد الفلسفية لموضوعاتهم، لذلك لا يبحثون أمر تناقضها العقلي، أو تصادمها مع الأسس الفلسفية العقلية المحض، لذلك يرى الباحث بأنهم يقرّون أيّ وضع مقترح للعالم، لمجرد أنه لم يشكل عائقاً أمام الاختبارات المعملية، والتطبيقات العملية، وإن لم يشكل جزءاً من الفهم الفلسفي المعقول تجاه العالم، لكن هذا وبالنسبة للباحث لا يعني أن الفهم الفلسفي أمر أقل أهمية من البحث العلمي الرياضي والتطبيقي فمهام الفيلسوف التصدي إلى أي نوع من الكلام الخالي من المعنى، والمتصادم مع قوانين الفهم والعقلانية، وليس التصدي بالرفض، كما يفعل المتدينون أحياناً، بل بالتحليل والنقد لبناء ؤية عقلية تساهم في فهم الإنسان للعالم بشكل واقعي معقول.
قد يعلم كثير من الناس، مثقفين وغير مثقفين، بطريقة إعلامية غالباً، بأن العلم قطع مسيرة ظافرة في العصر الحديث، لكن القليل منهم يفهم هذه المسيرة، ويعقل الطريقة التي يشتغل فيها الفكر العلمي. وقد يبدو من السخف القول بأن العلماء أنفسهم، في بعض الأحيان، لا يفهمون بشكل عقلاني ما يقومون به، أو ما ينجزونه من أعمال علمية، ولكن هذه هي الحقيقة، فقد يصرف العالم وقته في التعامل مع رموزه الرياضية، أو في مخبره العلمي، من دون الانشغال بالعقلانية، لكن كلا الأسلوبين يبقيان بعيدين عن الفهم عقلانياً مريحاً عن العالم. ويبدو أن الهدف (الوضوح والعقلانية) قد تعقد كثيراً في الفترة الأخيرة، وبدا كأننا نسير من غموض إلى غموض، ومن تجريد إلى تجريد لامتناه.