وصف الكتاب
إن المسلمين اليوم أقرب إلى الموت منهم إلى الحياة... وقد تهز بعضهم غرائز الدنيا فيصيح ويسعى، ولكنه لا يفعل شيئاً، ولا يبلغ هدفاً إلا أنه ما استعاد من النعمة التي يسرها الله له، أي أنه ما استفاد من الوحي الذي أغناه عن التجارب ومهد له سبيل الكمال، وعلمه كيف يؤدي حق الله، وكيف يحتفظ بحق نفسه. القرآن الكريم هذا الكتاب لا غير هو تلقفه آباؤنا فصححوا به مسار الحياة وأبدعوا حضارة أرقى وأذكى مما عرف السابقون، فما بال المسلمين اليوم يقرؤون القرآن دون وعي، ويخرّون على آياته صماً وعمياناً، إن ما لا يبصره المسلمون اليوم هو أضعاف ما يبصرونه في هذا العالم الضخم الفخم، لن هل يعلم الناس هذا؟ من يعلمهم؟ وأهل القرآن نيام عنه، مشغولون بكلام خفيف الوزن. فهل يعود المسلمون مرة أخرى لتدير كتابهم وبناء الحياة وفق دلالاته، في عصور مضت ربما كانت المسافة بين العلم بالإسلام والعمل له لا تتجاوز أشباراً أو أذرعاً، أما في الآونة الأخيرة فإن المسافة تبلغ أميالاً طويلة.
لقد تحرك كل ذي دين لنصرة دينه، وطولب المسلمون وحدهم بنسيان دينهم، وعدم التجمع على شعائره أو شرائعه. فنسوا أن هذه الأمة التي صاغها محمد صلى الله عليه وسلم في قالب جديد أضاءت المشارق والمغارب، وأعادت الحياة المادية والأدبية لجماهير من البشر ظلت ترسف دهراً في الجهالة والعبودية... إن المسلمين اليوم غائبون عن المجامع العلمية الناشطة، وقد كان من أثر هذا الغياب أن ألف بعض الأوربيين رسالة عن أثر ",ألف ليلة وليلة في التشريع الإسلامي والتعتيم على حقائق الإسلام تبذل فيه جهود هائلة، ويشارك فيها شياطين الشرق والغرب، حتى ليكاد الدين الصحيح يستخفي من دنيا الناس، فماذا يعمل المسلمون للنهوض بأعباء المنصب الكبير الذي اصطفاه القدر له بعدما أورثهم القرآن الكريم، وكلفهم بتعلمه وبتعليمه للآخرين. ويقول الشيخ محمد الغزالي بأنه ومن أجل ذلك تعاون مع أولي الألباب على تشخيص العلة وتحديد الدراء، باحثاً في الحاضر والماضي، مستقرئاً ما يظهر وما يخفي مبيناً للمسلمين ما عليهم عمله لاستعادة دورهم التعليمي والعلمي، فكان هذا الكتاب الذي تدور فكرته حول ",المسار الفكري في تراثنا",.
الفكر الإسلامى فى العصر الحديث ومدى قربه أو بعده من واقع الشريعة الإسلامية، ومن الواقع العقلى الذى تفرضه الحياة المعاصرة، وكيفية اتباع الفكر الإسلامى الصحيح بعيداً عن الأهواء الشخصية أو الانسياق للغرب المادى لمعالجة العلل الموجودة فى المجتمع الإسلامى.