توفر جميع الدول اهتماماً خاصاً واستثنائياً للتعرف على نشاطاتها الاقتصادية على مستوى الاقتصاد ككل، وبشكل متزايد، نظراً للحاجة الماسة إلى ذلك، والتي تتأتى من ضرورة حصر مدى هذه النشاطات، وأدائها، والتطور الذي تحققه، ومقارنة هذا بالدول الأخرى من ناحية، وبالإمكانيات المتاحة لدى الدولة المعينة من ناحية أخرى، بهدف جعل حركة هذه النشاطات وأدائها أكفأ وأسرع وأكثر انتظاماً من أجل تحقيق درجة أكبر من التقدم والرفاه الاقتصادي لأفراده والقوة والمتانة للاقتصاد ككل.

وانطلاقاً مما سبق تأتي على رأي قائمة الأولويات ضرورة توفير البيانات والمعلومات التي يمكن من خلالها تصوير النشاطات الاقتصادية على المستوى الإجمالي، وعلى مستوى القطاعات والفروع الأساسية والمتغيرات في الاقتصاد القومي، وهو ما يتضمنه موضوع حسابات الدخل القومي، إضافة إلى الأساليب والوسائل التي تتبع في ذلك، وهو الأمر الذي يفسر أهمية حسابات الدخل القومي وتعقيدها بسبب تعقيد وتشعب النشاطات الاقتصادية وصعوبات حصرها إضافة إلى ارتباط هذه المادة واستنادها على الجانبين النظري والتطبيقي معاً.

وقد تم تناول الموضوع بقسمين انصرف القسم الأول إلى الجوانب النظرية والتطبيقية الخاصة بحسابات الدخل القومي، إذ تضمن الفصل الأول البحث في مضمون حسابات الدخل القومي وأهميتها، وتناول الفصل الثاني بعض المفاهيم ذات الصلة بحسابات الدخل القومي، وخصص الفصل الثالث لبحث الحسابات الوظيفية أو القطاعية للدخل القومي وتحليلها، في حين خصص الفصل الرابع لحساب الدخل القومي بطريقة الناتج النهائي والقيمة المضافة والفصل الخامس لحساب الدخل القومي بطريقة الدخول الموزعة، والفصل السادس لحساب الدخل القومي بطريقة الإنفاق القومي، أما الفصل السابع فقد جرى التركيز من خلاله على بحث مشكلات حساب الناتج والدخل والإنفاق القومي، حيث تم إعطاء اهتمام خاص بها نظراً لأهميتها من الناجية التطبيقية.

أما القسم الثاني فقد تم تكريسه للبحث في نظام الحسابات القومية للأمم المتحدة حسب آخر نظام جرى تنقيحه سنة 1992، حيث تم إعطاء اهتمام خاص وواضح بهذا النظام، لأنه يمثل دليل ومرشد للدول عموماً للتطبيق عند قيامها بحساب دخلها القومي.

ولذلك فقد تضمن القسم الثاني الخاص بنظام حسابات الأمم المتحدة للدخل القومي في الفصل الثامن بعض المفاهيم المستخدمة في النظام، وفي الفصل التاسع تم تناول حسابات الإنتاج، وحسابات الدخل (الناتج) القومي حسب المصادر الصناعي في الفصل العاشر، وحساب دخول عوامل الإنتاج ودخول الملكية في الفصل الحادي عشر، وحساب النفقات والاستعمالات النهائية للدخل في الفصل الثاني عشر.