تمثل ظاهرة الفقر إحدى المشكلات الأساسية التي يواجهها لبنان في مرحلة ما بعد الحرب، وبخاصة أن هذه الظاهرة تترك آثارها على مختلف الصعد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

وعادة ما ترتبط ظاهرة الفقر بالخيارات الاقتصادية والاجتماعية للنظام القائم في أي مجتمع، سواء على مستوى النظام الضريبي الذي يعتمده هذا النظام والذي يساهم في إعادة توزيع الثروة على هذا النحو أو ذاك، أم على مستوى دور الرعاية الذي تقوم به الدولة والذي أخذ يتراجع في الآونة الأخيرة في مختلف بلدان العالم، أن على مستوى خطط التنمية المتوازنة قطاعياً ومناطقياً التي تساهم في توفير فرص العمل لأكبر شريحة ممكنة من أنباء المجتمع...

فكيف تؤثر هذه العوامل في تعميق ظاهرة الفقر في لبنان أو في تخفيفها، وما هي الخيارات الاقتصادية والاجتماعية التي يعتمدها الحكم في لبنان لمواجهة هذه الظاهرة.

يحاول هذا الكتاب معالجة ظاهرة الفقر في لبنان وعلاقتها بتوزيع الدخل والإنفاق، كما يعرض بعض السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي يمكن اعتمادها لمكافحة الفقر، يبقى أن هذا الكتاب قد اعتمد في هذه المعالجة وجهة نظر محددة، في الوقت الذي لا تزال ظاهرة الفقر في تحديدها وتفسير أسبابها موضع خلاف وسجال بين المدارس الاقتصادية المختلفة.