عمدت هذه الدراسة إلى تناول الشخصيات على مساحة القرآن الكريم الممتدة في القصة القرآنية أو خارج إطارها، حيث تمنح الأولوية في بناء الشخصية للفكرية الدينية، ولجوانب الشخصية ذات الصلة والإرتباط الوثيقين بالواقع الذي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتحرك فيه ويواجهه. وإستعان على إستحضار هذا الواقع وربط الشخوص به بما تسعف به أحياناً كتب التفسير والسيرة وعلوم القرآن. وجعلت من ترتيب الآيات حسب أولوية نزولها منهجاً متبعاً في ترتيب النصوص القرآنية التي تناولتها هذه الدراسة ما وجدت إلى ذلك سبيلاً.

ورغم إرتهان الشخصيات القرآنية للفكرة الدينية التي تقوم على ثنائية القسمة بين الإيمان والكفر والخير والشر والقصد الواضح إلى الإصطفاء والإنتقاء والإختيار للشخوص والمواقف والجوانب المعروضة منها، رغم هذه المحددات القبلية للشخصيات القرآنية، ومع الحضور الدائب للإرداة العلوية المتحكمة بمصائر البشر، بقي الإنسان في صورته القرآنية إرادة حرة يحدد مصيرها سلوكها الواقعي الحر وإختيارها الذاتي المجرد عن المؤثرات الغيبية. وبقي الإنسان، بصورة مباشرة حيناً وبصورة غير مباشرة في أكثر الأحيان، قطباً تتنازعه الجواذب المتعارضة، فليس الخير فيه خيراً مطلقاً غير مشوب وليس الشر كذلك. يتحدد موقعه إستناداً لنوازعه الغالبة.

أما منهج الدراسة فقد قام على أساس كشف الشخصية وطريقة بنائها القرآنية بإعادة بنائها بناءً تفسيرياً وربطها بواقع الدعوة الإسلامية. وكان الهاجس الدائم عند الحديث عن كل شخصية من الشخصيات التي تناولتها الدراسة الإجابة عن سؤالين أساسيين هما: كيف رسمت هذه الشخصية في القرآن الكريم؟ ولماذا رسمت؟

ولكي تكون الإجابة عن هذين السؤالين إجابة قرآنية صرفة إلتزمت هذه الدراسة بحدود ما ورد عن الشخوص موضوع البحث في القرآن الكريم، ولم تتجاوزه إلى مصادر أخرى لإكمال صورة الشخصية وإتمامها. فبقيت ملتزمة بحدود عنوانها. ولا يعني ذلك أن جوانب الشخصية الأخرى كانت غائبة عن ذهن الباحث، بل كانت حاضرة دوماً، فأعانت على الفهم والتفسير، لكن بصورة غير مباشرة.