وصف الكتاب
هذا الكتاب يستعرض قصة الثروة في مصر خلال القرنين الأخيرين مسجلًا أن كثيرًا من الأثرياء حققوا ثرواتهم في الآونة الأخيرة في أسواق غير منتجة، وبطرق تعتمد على قنص الريع، وتداول الأصول المعروضة لا الإنتاج والتصنيع الذي يعنى بالدور الاجتماعي للثروة.
ويقول ثابت: إن مصر شهدت أول مليونير خلال الحملة الفرنسية (1798م- 1801م)، ثم شهدت أول ملياردير في عصر مبارك، وإن الحياة في مصر بين هذين التاريخين تغيرت كثيرًا سواء الوجوه وأرقام الثروات، ويسجل أن حسن طوبار، الزعيم البارز بمحافظة الدقهلية في الدلتا، والذي يرجح أنه كان أغنى رجل في مصر، وكان واسع الثروة والنفوذ محبوبًا من سكان إقليمه، وكان في حالة من الرواج كفيلة بأن تقعده عن اتخاذ موقف يمكن أن يهدد ثروته، لكنه فضل عز مقاومة المحتل الفرنسي على ذل العيش في بحبوحة تحت حكم المحتل؛ حيث قدر أحد جنرالات الحملة الفرنسية ثروة الشيخ طوبار بأنها في حدود خمسة ملايين فرنك سخرها كلها لمقاومة الفرنسيين منذ بداية الحملة تقريبًا. كما يسجل أيضًا أنه في مقابل طوبار الثري المصري، الذي تزعم مقاومة الغزاة، جاء الوالي الألباني محمد علي، الذي حكم البلاد بين عامي (1805م و1848م) الذي تعامل مع مصر كلها على أنها أملاكه؛ فقد اعتصر الفلاحين اعتصارًا، وكان عقاب التأخير في توريد المحاصيل للحكومة يصل أحيانًا إلى الإعدام، إلا أن اهتمام محمد علي بماله وأملاكه- التي اتسعت لتشمل أرض مصر- لم يكن بالنسبة للمصريين شرًا مطلقًا، كما لم يكن خيرًا مطلقًا، كما يقول الكاتب؛ فقد كان همه أن ينشىء في مصر جيشًا وصناعة وتعليمًا وغيرها من أسباب الحضارة والمجد؛ حيث شق الترع، وأنشأ الجسور، والقناطر، والسدود، وأوفد عددًا من الطلاب المصريين إلى الخارج لدراسة فن الزراعة وغيره من العلوم المختلفة.
على مهل كانت الثروة في مصر تشق مجرى جديدًا في الوطن، لم يكن التحول في ليلة وضحاها، وإنما امتد لعقود طويلة، لكنه شهد أبرز محطاته في عصرين: محمد علي وإسماعيل، وقد ولد في عصر إسماعيل أشهر رجال الأعمال في ذلك الزمان، وفي مقدمتهم اليهود، فقد احتكر اليهود معظم مجالات التجارة والصناعة إلى جانب العقارات والأراضي الزراعية، وانتقل الكاتب إلى الجالية اليونانية، قبل أن نضيف أسماء مصريين إلى قوائم الأغنياء في مطلع القرن العشرين، ويروي الكاتب قصة كل منهم بالتفصيل وصولًا إلى القوانين الإشتراكية في مطلع الستينات، وفي فصل عنوانه ",ثروات الرؤساء... فتش عن الأنجال", يذكر أن رؤساء مصر الأربعة السابقين- بعد نجاح ثورة 23 يوليو 1952م في القضاء على أسرة محمد علي، وإعلان الجمهورية- نشأوا في أسر بسيطة أو متوسطة؛ وهم محمد نجيب، وجمال عبد الناصر، والسادات، ومبارك، مستعرضًا حياة كل منهم، بدءًا من حياة متقشفة لمحمد نجيب وصولًا إلى رجال الأعمال، الذين فتح لهم مبارك باب امتلاك أراضي مصر واحتكار ثرواتها، مرورًا لسياسة الإنفتاح الإقتصادي التي تبناها السادات وأدت إلى اتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء.