عرف الظهير المباشر للجديدة الكبرى في العقود الثلاثة الأخيرة تحولات عنيفة في مكونات بنيته وفي ‏مشاهده. ويشكل التوسع في الأنشطة غير الفلاحية أبرز تجلياتها، الذي يعتبر آلية أساسية في إعادة تشكيل ‏المجال المحلي، وتحكمت في هذه التحولات، التي تمت بوتيرة متسارعة، مجموعة من العوامل، داخليةوخارجية. ‏وشكل تدخل الدولة قوة رئيسية في ذلك. فقد مكنت القوة العمومية المنطقة من مشاريع مهيكلة كبرى ‏انطلقت محليا بتشييد ميناء الجرف الأصفر والمركب الكيماوي بجماعة ‏مولاي عبد الله. شكل هذا الحدث، ‏الذي يُجسد أهم توجهات سياسة إعداد التراب الوطني بالمغرب وأهدافها الاستراتيجية الرامية إلى ‏النهوض ‏بالقطاع الصناعي وتأهيل الاقتصاد الوطني، مرحلة مَفصلية في تاريخ المجال وسيرورات ‏دينامياته. وتوالى تواتر ‏هذه المشاريع المهيكلة بعد ذلك بشكل ملفت همت مجموعة من القطاعات الانتاجية كالسياحة التي تعززت ‏مؤهلاتها ‏المحلية بتشييد مركبين سياحيين بمواصفات دولية راقية في تراب جماعة حوزية شمال غرب مدينة ‏الجديدة، كما شُرع مؤخرا في تشييد مدينة ‏جديدة وقطب حضري حديث بجماعة حوزية. كان لهذا الوضع ‏انعكاسات عميقة متعددة الأبعاد (ديموغرفيا، اقتصاديا، ‏مجاليا، بيئيا وثقافيا...). من جانبه، ساهم موقع ‏المدينة على مشارف أكبر قطب اقتصادي وطني في تحريك هذه التحولات وتحديد مجموعة من ملامحها البارزة. ‏فقد أفرز الارتباط القوي للمنطقة بالدار البيضاء مظاهر شكلت فيها سلطة الرساميل قوة فاعلة على قدر ‏كبير من الأهمية. يتجلى ذلك في استثمارات الخواص الذين وجدوا في المنطقة مجالا خصبا لمشاريع مختلفة ‏همت العقار وبعض المشاريع الإنتاجية. يُعد تغير أشكال استعمالات الأراضي تمظهرا مجاليا ونتيجة لها ومرآة ‏عاكسة لموازين القِوى ‏وحدود تأثيرها وطبيعة الوقع الناجم عنها ونزوعاته المستقبلية. وبالتالي، خضع المجال في ‏سيرورة تشكله وإعادة تشكيله ‏لتأثير عوامل متشعبة. ومن هذا المنطلق، يهدف هذا البحث إلى معالجة ‏إشكالية واقع استعمالات الأراضي بالظهير المباشر ‏للجديدة الكبرى، وكيف يمكن الاستفادة من الأدوات ‏الحديثة خاصة الجيوماتية في دراسة المظاهر العامة لهذه ‏الاستعمالات، ورصد أشكال توزيعها الجغرافي ‏وديناميتها ونتائجها المجالية، وكذا المساهمة في المساعدة على القرار وتدبير ‏الموارد الترابية؟ ‏ أقرأ أقل