وصف الكتاب
تلازم التجديد والمحافظة في مزاج الأستاذ وتفكيره تلازم تكامل وانسجام، كتلازم الواقع والمثال. فاحترامه للعقل البشري هو الذي يدعوه إلى احترام آثار هذا العقل التي خلفها على مدى العصور، واحترامه للعقل البشري أيضاً هو الذي يدعوه إلى مطالبة هذا العق أن يقوم بمسئوليته عن إنارة السبيل أمام كل جيل، على أن التجديد والمحافظة، والواقع والمثال لا يمكن أن تنسجم إلا في نطاق منهج دقيق يحدد لكل من الطرفين دوره المقسوم، ولهذا كان أستاذنا ",منهجياً", في كل ما كتب. بل توشك أن تكون حياته العلمية كلها سلسلة منهجية مترابطة الحلقات. سلسلة تبدأ بداية فريدة ولكنها أوفق بداية لهذا التسلسل المنهجي في درس الأدب، وفي هذه المباحث كلها كان الواقع والمثال والمحافظة والتجديد، تلتقي كلها على سواء. كان واقع الدراسات اللغوية والأدبية يحتم نوعاً من الإجمال في خطة التجديد، وواقع حاجتنا إلى الإصلاح اللغوي والأدبي يلزم بوضع مثل هذه الخطة. وكان المثال يوضع مع ذلك كاملاً لتشرئب إليه الأعناق وتنبعث إليه الهمم. وكانت المحافظة تدعوا إلى درس القديم في ظروفه التاريخية- بقدر ما يمكننا أن نفهم هذه الظروف- واستبقاء ما يصلح منه لحاجات العصر، ليظل حاضرنا موصولاً بماضينا، وبعد، فإن هذه الدراسات صوى على طريق الدراسات الأدبية الجامعية أصلت مفاهيم تعتز بها هذه الدراسات اليوم، وأشارت إلى آماد لا نزال نحتاج إلى الجهد والصبر لبلوغها. ما أسعدني، أذن، بأن يشرفني أستاذي فأقدمها إلى تلاميذه وتلاميذي..!
شكري محمد عياد