وصف الكتاب
لأول مرة في لغتنا العربية.
لأول مرة في تاريخنا بأسره، تصدر عندنا موسوعة مصورة ومعدة فعلًا على مستوى العمل الموسوعي.
لم يكن بوسعنا أن نتجاهل هذا النقص في مكتبتنا العربية، ولم يكن من خطتنا أن نوفيه بأي عمل لا يجاري مستويات الموسوعات الحديثة في أكثر لغات العالم تقدمًا. وقد أنفقنا بعض الوقت ونحن نبحث جاهدين عما يدعى عادة باسم ",الحل الوسط",، لكن البحث نفسه لم يعلمنا شيئًا سوى أنه ليس ثمة حل وسط لأداء أي عمل جدي.
وذهبنا إلى القمة.
اتصلنا بدور النشر شرقًا وغربًا، وفحصنا أعمالهم بكل ما في حوزتنا من رغبة في التدقيق، واخترنا أفضل- وأحدث- عمل بينها، ثم اندفعنا نفاوض على حقوق نشره في ملحمة مرهفة، وغريبة بعض الشيء من عالم منتجي الموسوعات في الغرب. فلم نكن نفاوض على الثمن، بل على حقنا في تنقيح المادة، وكان ذلك الطلب يدهشهم- أحيانًا- أكثر مما نتمنى.
بالتدريج تعلمنا أن نشرح لهم موقفنا.
بالتدريج بدأنا نقنعهم بأننا لا نريد أن ننقل عملهم إلى اللغة العربية، بل نريد أن نعد لأنفسنا موسوعة عربية تخصنا، وتعكس روحنا وبيئتنا وذوقنا، وترى الأشياء من وجهة نظرنا، إذا كان لا بد أن تراها من وجهة نظر أمة ما.
وتقبلوا فكرتنا في دار ميتشل بيزلي ذات الدور الرائد في ابتكار الموسوعات المصورة، وانفتح الباب الذي ظل مغلقًا طوال تاريخنا القديم والحديث على حد سواء، وبدأنا بالعمل لتقديم أول إنتاج موسوعي متكامل في لغتنا العربية، بعد أن تقررت خطة التنفيذ.
في تلك الجلسة تقرر أولًا أننا سنواجه مشكلة صعبة في نقل المصطلحات إلى حد قد يدعونا أحيانًا إلى استعمال الكلمة اللاتينية حرفيًا. وبالنسبة لهذه النقطة، كان الحل الوحيد لدينا هو أن نوكل الترجمة إلى أساتذة جامعيين في المادة نفسها، وليس فقط إلى مجرد مترجمين، في محاولة حافلة بالتوقعات لحمل الخبير العربي على مواجهة مشاكل لغته المعاصرة، وإشراكه في مسئولية البحث عن الكلمة الأفضل والأكثر قربًا إلى روح ثقافتنا وشخصيتنا.
أبعد من ذلك لم يكن بوسعنا- ولم يكن من حقنا أصلًا- أن نمضي شبرًا واحدًا. فنحن لا نتصدى لكتابة لغة جديدة للعرب، بل لتسجيل معلومات جديدة في لغتهم، وهي أقصى مهمة تستطيع أية موسوعة أن تؤديها.
في تلك الجلسة تقرر أيضًا أن الترجمة على أي حال ليست هي وحدها كل المشكلة. فمنهج التحرير نفسه في تغطية مواد الموسوعة الانجليزية منهج لا يلبي جميع احتياجاتنا. أنه يهيئ لنا مادة علمية ممتازة العرض والتنسيق في مجلدات ",الكون", و",الأرض", و",الحياة",، لكن اهتماماته في مجلدات أخرى مثل ",الإنسان والمجتمع",، و",مسيرة الحضارة",، لا تغطي كثيرًا مما يهمنا نحن في الدرجة الأولى.
بالنسبة لهذه النقطة كان الحل لدينا هو أن نعيد إخراج الموسوعة بأسرها في مجموعتين: المجموعة الأولى موجهة لتغطية ميادين العلوم الطبيعية المعاصرة في المجلدات الخمسة التالية: العلم، الكون، الأرض، الحياة، الأداة والآلة.
وصفة هذه المجموعة أنها تتعامل مع حقائق علمية مجردة. ودورنا فيها هو أننا نقلنا جميع معلوماتها بأمانة ودقة. وما نتوقعه منها هو أن تسد الثغرة الهائلة- والشديدة الوضوح- في مكتبتنا العربية في ما يخص حق المعرفة المصورة بالذات.
المجموعة الثانية موجهة لتغطية ميادين العلوم الإنسانية في خمسة مجلدات أخرى هي: هذا الإنسان، الإنسان والمجتمع، مسيرة الحضارة مجلد أول، مسيرة الحضارة مجلد ثاني، مسيرة الحضارة مجلد ثالث.
وقمنا بتقسيم مواد المجموعة الثانية إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: دراسة علمية منفصلة من مجلدين، أحدهما يضم معظم المعلومات المتوفرة الآن عن الإنسان وتطوره، القسم الثاني: دراسة تاريخية من مجلدين يعرضان قصة الحضارة منذ عصور ما قبل التاريخ إلى نهاية العصور الحديثة، القسم الثالث: دراسة للتاريخ المعاصر من مجلد واحد، يتبعه في وقت لاحق أطلس تاريخي للوطن العربي. ومنذ بداية هذا القسم كما قد افترقنا كثيرًا عن النص الأجنبي، وكنا نعرف على وجه اليقين أننا هذه المرة لا بد أن نعد معظم المادة بأنفسنا.
فماذا فعلنا؟
سؤال بديهي حقًا، لكن إجابته الصحيحة لا تقع في نطاق هذه المقدمة وحدها أو هذا الكتاب كله. إنها تقع في عشرة مجلدات، تضم أربعة آلاف صفحة تقريبًا، وأكثر من عشرة آلاف صورة، وجهد خمسمائة محرر ورسام طوال أربع سنوات كاملة.
الصادق النيهوم