وصف الكتاب
سم البدو – وهم يلفظونه بدوي – مشتقاً من البادية أي الصحراء وهو يعبر بالتالي عن أبناء الصحراء وعن طباع البدو كشعب متنقل. ويقول الليث، وهو كاتب عربي من القرن الثامن الميلادي: ", البادية إسم الأرض التي لا يوجد فيها مستوطنات وعندما يخرج الناس من المستوطنات السكنية ويذهبون إلى المراعي في الصحراء يقال لهم ", بدواً ", ( أي خرجوا إلى البادية )، والمفرد بدا، والإسم من بدا: بدو. هذا هو، اليوم كما قبل 2000 عام، الوصف الصحيح لهؤلاء الناس وأرضهم. والبدو يرحلون من مكان إلى آخر لأن الصحراء تجبرهم على ذلك بسبب شح الموارد الموجود فيها. فهم يبحثون عن المراعي والماء لقطعانهم داخل منطقة التجوال الواسعة العائدة للقبيلة. ويشنون غارات صغيرة أو كبيرة لفرض السلب والنهب، ويقومون بغزوات حربية ويحافظون على عاداتهم وتقاليدهم بالتناقل من جيل إلى جيل. من الممكن أن تغير الإنجازات التقنية الجديدة خلال وقت قصير حياة هؤلاء الأقوام الرحل تغييراً كبيراً إلى درجة أن الظروف المعيشية القديمة التي تم جمعها في هذا الكتاب، وذلك كما وصفها وشرحها بدو من وسط شبه الجزيرة العربية، ستصبح عما قريب جزءاً من الماضي. ومن ناحية ثانية فإنه يعبر عن صفة الترحال عند البدو بكلمة العرب. وهم يميزون بين البدو الذين يربون بصورة رئيسية الإبل ويسمونهم وحدهم بدو، وبين رعاة الغنم الذين يربون الغنم حصراً ويستعملون عدداً قليلاً فقط من الجمال للترحال. ولكلمة البادية نفس معنى كلمة العرب وهي تعني ", العرب كلهم ", أي جميع البدو، أما سكان شبه الجزيرة العربية المستقرون فيطلق عليهم إسم الحضر. وهم يعيشون في قرى أو في مدن صغيرة تحت شروط حياتية مختلفة جوهرياً، فهم يسكنون في بيوت ويزرعون الأرض ويمارسون الحرف البدوية والتجارة، وبعضهم يستطيع الكتابة وقراءة القرآن. يشتري منهم البدو بعض الأشياء التي يحتاجونها لمعيشتهم لكنهم يبقون فيما عدا ذلك أوفياء لعاداتهم المختلفة كلياً أو المتمثلة في الترحال والسكن في الخيام. يطلق البدو على السكان المستقرين إسم أصحاب بيوت الطين والعجين: ", أهل طينة وعجينة ", ( لأن البدو لا يعتمدون في طعامهم على الخبز وإنما على الأرز والتمر ). يطلق المكيون وأهالي جدة على سكان نجد إسم الشرقيون: المفرد: شرقي، الجمع: شروق أو شراقة. ومما يثير الإستغراب أنه لا يوجد إطلاقاً تسمية تشمل البدو والمستقرين معاً. وعند سؤال أحد البدو عن ذلك يقال إنهم ", الناس ",. كما أنه لا يوجد أيضاً تعبير لشبه الجزيرة العربية بكاملها ولا للغة العربية. فالبدو يتحدثون عن ", اللغة ", ويسمونها ", إللغة ", أو ", لقوة ",، أو عن لغة هذه القبيلة أو تلك. إلى جانب القبائل البدوية يعيش في شبه الجزير العربية. موزعين في جميع أرجائها الصلبة أو صليب ( المفرد: صلبي )وهم قبيلة منبوذة يعد أصلها أحجية، وهم في الواقع سكان الصحراء الحقيقيون ويعيشون من صيد الغزلان التي يجففون لحمها ويلبسون فراءها. الهلالية من سكان نجد القدامى حداً والذين نسجت حولهم الأساطير. ويقول القيبي الذي يشكل مصدراً رئيسياً لهذه الدراسة من جهة لغة وعادات وتقاليد البدو الموجودين في المناطق الداخلية من شبه الجزيرة العربية. يقول القيبي: كانوا عرباً وكانوا أكبر من الناس الحاليين بمقدار النصف تقريباً. كان لديهم خيول وفتيات جميلات وجميع رجالهم ونسائهم كانوا شعراء. وهكذا يمضي الكاتب في دراسته التي تتناول بدو وسط الجزيرة العربية: عاداتهم، تقاليدهم، حكاياتتهم، وأغانيهم، وهي تغطي فترة هامة من تاريخ الجزيرة العربية على وجه العموم وتاريخ هذه المنطقة على وجه الخصوص.