هدفنا سهولة الحصول على الكتب لمن لديه هواية القراءة. لذا فنحن نقوم بنشر اماكن تواجد الكتب إذا كانت مكتبات ورقية او الكترونية
ونؤمن بان كل حقوق المؤلفين ودار النشر محفوظة لهم. لذلك فنحن لا نقوم برفع الملفات لكننا ننشر فقط اماكن تواجدها ورقية او الكترونية
إذا اردت ان يتم حذف بيانات كتابك من الموقع او اى بيانات عنه، رجاءا اتصل بنا فورا
إذا اردت ان تقوم بنشر بيانات كتابك او اماكن تواجده رجاءا رفع كتاب
قراءة و تحميل pdf فى كتاب : اللعب الشعبي عند الأطفال: ودلالاته التربوية في انماء شخصياتهم
يحاول الباحث في هذه الدراسة أن يقوم بعملية توثيق وتصنيف لأنواع اللعب الشعبية التي يمارسها الأطفال في البيئة العربية الأردنية، داخل تجمعاتهم السكانية، وفي أماكنهم الجغرافية المختلفة، بغض النظر عن تصنيفات هذه التجمعات وفقاً لأي معيار. وقد نظر الباحث إلى البيئة الأردنية على أنها بيئة واحدة تخلو من التباينات الأساسية، التي قد تعطي كل منطقة سكانية في البيئة العامة خصيصة تفردها وتميزها عن المناطق الأخرى. وهكذا فإن أنواع اللعب الشعبي التي ستظهر في هذه الدراسة، هي ألعاب شعبية يمارسها كل الأطفال في البيئة الأردنية، يبغض النظر عن كونهم من أصول فلسطينية أو أصول أردنية أم غير ذلك. باعتبار أن البيئة الأردنية هي بيئة ممتزجة في تركيباتها الاجتماعية والثقافية إلى درجة يصعب فيها إرجاع أنواع اللعب الشعبي إلى أي تجمع سكاني دون غيره، مهما كانت خصائص هذه التجمعات وظروفها داخل البيئة الواحدة. لأن ظاهرة اللعب الشعبي تتجاوز حدود البيئات المحلية والإقليمية، بل وحتى الجغرافية السياسية. لهذا أراد الباحث أن يدرس اللعب الشعبي كظاهرة ثقافية اجتماعية في إطار وحدة المجتمع الواحد، لتدعيم مفهوم وحدة الحضارة في الكيان الاجتماعي العام، انسجاماً مع وحدة الأمة العربية في إطار مرجعها: الثقافي أو الديني أو الاجتماعي أو الجغرافي أو التاريخي، بل وحتى المصيري المنتظر في أن نكون أو لا نكون. وقد حددت مشكلة الدراسة في هذه المرحلة في الإجابة عن الأسئلة الآتية: ما أنواع اللعب الشعبي التي يمارسها الأطفال في البيئة الأردنية؟، ما المجموعات التصنيفية التي يمكن استخلاصها من أنواع اللعب الشعبي الممارس؟، ما الدلالات التي يمكن أن تكسبها تصنيفات هذا اللعب الشعبي إلى الأطفال الذين يمارسونه؟
وفي سبيل الإجابة عن أسئلة الدراسة، قام الباحث بمجموعة من الإجراءات التنظيمية والمنهجية لإنجاز هذه الدراسة وفقاً لأصول البحث العلمي حتى تكون النتائح مقبولة. حيث قام بتصميم استبانة خاصة أخضعها إلى متطلبات التصديق حتى يركن إليها كأداة ملائمة لغرض مسح الألعاب الشعبية في البيئة لأردنية، ثم اختيار مجموعة من طلبة الدراسات العليا في الجامعة لتعبئة الاستبانة، وفقاً لخريطة مسحية اشتملت على جميع المناطق الجغرافية والتجمعات السكانية فيها. وبعد تعبئة الاستبانات، قام الباحث بمراجعة منهجية لعملية مسح اللعب الشعبي لتحديد الأسماء التي يطلقونها على كل لعبة طبقاً لمتطلباتها وشروطها وطريقة ممارستها، وأخيراً، تم تحليل محتوى الألعاب للتعرف على ما تنطوي عليه من نشاطات ووظائف، تمهيدأً لاستخلاص الدلالات التربوية التي يكسبها منهاج اللعب الشعبي للأطفال في البيئة الأردنية، لنقف على أثره في إنماء هؤلاء الأطفال وتكوين شخصياتهم.
استطاع الباحث أن يستخلص من عملية المسح التي قام بها للألعاب الشعبية التي يمارسها الأطفال في البيئة الأردنية عامة، أن يوثق (143) لعبة شعبية وسيأتي ذكر أسماء هذه الألعاب الشعبية كلها عند تصنيفها فيما بعد، وعندما وضعت هذه الألعاب في قائمة وعرضت على ثلاثة أجيال أي: الطفل وألب والجد في بيئات أردنية مختلفة، تبين أن اللعب الشعبي عامة لم يكن بالشيوع ذاته والتنوع عينه عند الأجيال الثلاثة، وفي سبيل معرفة ممارسة ثلاثة أجيال: الجد والأب والابن للعب الشعبي في البيئة الأردنية، قابل الباحث عينة عشوائية من الأجيال الثلاثة بلغت 50 من الجيل الأول (الأجداد)، و100من الجيل الثاني (الآباء) و200 من الجيل الثالث (الأطفال)، فأظهرت النتائج أن اللعب الشهبي بدأ يختفي تدريجياً، فقد مارس الأجداد في طفولتهم أي قبل 60 سنة حوالي 60 نوعاً من أنواع اللعب الشعبي التي حصرته الدراسة، في حين مارس الآباء في طفولتهم أي قبل 40 سنة حوالي 80 منها، أما الأطفال الحاليون فإنهم يمارسون 40 فقط من هذه الألعاب الشعبية.
وقد يرجع ذلك إلى تغيير الظروف: الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في البيئة خلال طفولة الأجيال الثلاثة، حيث كانت الظروف قاسية في فترة طفولة الأجداد، ولكن الظروف المعيشية قد تحسنت في فترة طفولة الآباء، إلا أنها قد تغيرت تماماً أثناء الطفولة الحاضرة، وبسبب ما طرحته الثقافة والصناعة والتكنولوجيا والنظم التربوية من بدائل: رياضية وثقافية وترفيهية مثل ألعاب الفيديو وألعاب الأقراص المضغوطة التي أدت إلى استغناء الأطفال عن ألعاب شعبية كثيرة.
وقد نظمت نتائج هذه الدراسة وفقاً لمبدأ العلاقة المنطقية بين أجزائها وفصولها حتى تأتي مترابطة الأجزاء متكاملة الصيغة لتأمين التسلسل المنطقي بين الفصول المختلفة، حتى تكون النتائج المترتبة على مقدمات مقبولة المعاني والدلالة.
وهذا التنظيم المنطقي للدراسة، استدعى أن تتكون هذه الدراسة من مقدمة وسبعة فصول. أما المقدمة: فإنها تبين أهمية الدراسة ودور اللعب الشعبي في تربية النشء، والمنهجية التي اتبعت في الدراسة، والتنظيم الذي اعتمد في إخراجها بالإضافة إلى طبيعة الفصول الأساسية التي تتكون منها بنية هذه الدراسة.
فالفصل الأول: تناول مفهوم اللعب في النظريات السيكولوجية قديمها وحديثها حيث اشتمل على عرض تلخيص لمختلف النظريات التي حاولت أن تبحث في اللعب وتفسير دلالاته بالنسبة للفرد داخل المجتمع الإنساني، كما اشتمل على عرض لأهم نظريتين سيكولوجيتين حديثتين في اللعب هما: نظرية بياجيه ونظرية فرويد، ثم بينت التعريفات المختلفة في اللعب وخصائصه وتصنيفاته وأهميته الوظيفية للتربية.
أما الفصول من الثاني حتى السابع: فقد عرضت الألعاب الشعبية على اختلاف أنواعها موضحة بالرسوم التخطيطية مع تحليل للدلالات التربوية التي تتضمنها هذه الألعاب الشعبية. حيث تناول الفصل الثاني: فئة الألعاب الشعبية الحركية. مدعمة برسومات توضيحية لكل لعبة، حتى تعين القارئ على فهم اللعبة واستيعاب مكوناتها وقواعدها، إضافة إلى تحليل تشخيصي لكل لعبة شعبية على حدة، بهدف استخلاص الدلالات التربوية، التي تنطوي عليها هذه الألعاب لعل ذلك يساعد القارئ، على وعي هذه الدلالات وإدراك أثرها في إنماء شخصيات الأطفال، الذين يمارسون هذه الألعاب الشعبية على التحديد.
في حين أن الفصل الثالث جاء: ليعرض فئة الألعاب الشعبية الإيهامية والتمثيلية ويبين ما تشتمل عليه كل لعبة من هذه الفئة من دلالات تربوية في الإطار العقلي والوجداني والحركي. إضافة إلى توضيح ألعاب هذه الفئة برسومات تخطيطية لتعين القارئ على فهم اللعبة ومكوناتها.
وأما الفصل الرابع: فقد خصص لشرح فئة الألعاب الشعبية الترويحية والرياضية واستخلاص ما تشتمل عليه هذه الألعاب من دلالات تربوية تعين الأطفال على إنماء شخصياتهم في المجال العقلي والوجداني والحركي.. كما دعمت ألعاب هذه الفئة برسومات تخطيطية لتوضح كل لعبة من ألعاب هذه الفئة.
ولكن الفصل الخامس: يعالج فئة الألعاب الشعبية الثقافية ويظهر ما تنطوي عليه من نشاطات ذات دلالات تربوية، تساعد على تكوين شخصياتهم في الإطار العقلي والوجداني والحركي، وألحقت هذه الألعاب برسومات توضيحية.
وجاء الفصل السادس: ليعض فئة الألعاب الشعبية التركيبية وبيان ما تنطوي عليه هذه الألعاب من دلالات تربوية تعين الأطفال الذين يمارسونها على تكوين شخصياتهم في المجال العقلي والوجداني والحركي.
أما الفصل السابع: وهو الأخير فقد جاء دعوة لتطوير اللعب الشعبي في الأردن، وبيان أهميته كمنهاج تربوي خفي يدعم المدرسة ويساعدها على تحقيق الأهداف التربوية، وإنماء شخصيات الأطفال قبل المدرسة الابتدائية وبعدها.
وقد آثر الكاتب اختيار تحليل الألعاب الشعبية لعبة لعبة، على الرغم من إدراكه المسبق لمسالة التكرار الذي قد يحصل من إتباع هذه المنهجية، خاصة بين أنواع الألعاب التي تقع في إطار الفئة الواحدة، وعذره في ذلك هو أهمية إظهار الدلالات التربوية التي تشتمل عليها كل لعبة شعبية على حدة، إحساساً منه بأن هذا العمل ليس شائعاً بعد، إضافة إلى أن منهجية تحليل كل لعبة على حدة، تزود القارئ بخصوصية الدلالات التربوية التي تنطوي عليها كل لعبة دون غيرها، لعل ذلك يساعد مستقبلاً في الإفادة من كل لعبة دون غيرها أو تطويرها بعينها بعد عملية اختيار واعية لأية لعبة بحد ذاتها أو مجموعة من الألعاب قد يرغب القارئ في إحيائها وتطويرها من جديد. ويفترض البحث أنه إذا أجريت دراسة منهجية على الألعاب الشعبية في بيئة عربية واحدة، وبخاصة البيئة الأردنية بما تتميز به من وسطية فإنه ستشكل قاعدة أساسية تعكس روح وهوية الألعاب الشعبية التي يمارسها الأطفال العرب في بيئاتهم الأخرى، استناداً إلى منطق وحدة التماثل والتشابه في العقلية والثقافة والمواقف والاتجاهات والمنظومة القيمية التي تسود الوطن العربي كله، إضافة إلى ما يشخص في البيئة العربية من ظروف وإمكانات وخصائص ومشكلات، من شأنها أن تشكل إطاراً مرجعياً يؤكد وحده الهوية للألعاب الشعبية في البيئة العربية. لهذا يمكن تعميم هذه الدراسة التي أجريت في البيئة الأردنية على باقي بيئات الوطن العربي للإفادة منها دون تحفظ.