وصف الكتاب
يضم هذا الكتاب بين دفتيه قبسات مضيئة من حياة وأشعار ",الحطيئة", الذي وسم بالشاعر العجاء. والحطيئة هو لقبه أما اسمه ونسبه: هو جرول بن أوس بن مالك بن حوية بن مخزوم بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن الريث بن غطفان بن سعد ابن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار، وهو من فحول الشعراء ومتقدميهم وفصحائهم، متصرف في جميع فنون الشعر من المديح والهجاء والفخر والنسيب، وكان ذا شر وسفه، وهو مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام فأسلك ثم ارتد: ولم يطعن أحد في شعره، وفي شعره غناء، غير أن هجاءه للناس والطمع والضراعة قد أفسدته وخفضت مقامه. لقد استفرغ شعره في مديح بني فريع، ثم أكثر من الهجاء، هجا أمه وأباه وإخوته وبنيه وهجا نفسه، وكذلك هجا أضيافه وهجوه. اعتبر الحطيئة في شعراء الطبقة الثانية وقيل عنه ",كان الحطيئة متين الشعر شرود القافية", وقال الأصمعي: ",زهير بن أبي سلمى والحطيئة وأشباههما عبيد الشعر", أما أبو زيد محمد بن أبي الخطاب القرشي فجعله من أصحاب ",مشوبات العرب", وهي القصائد التي شابها الكفر والإسلام. لا يكتفي هذا الكتاب بدراسة شعر الحطيئة على طريقة النوادر والأخبار التي وصلت إلينا في كتب السير والتراث وإنما يدخل إلى واقع حياة ",الحطيئة", ومحيطه وعصره فبدا لنا شعر الحطيئة في هذا الكتاب الرائع ذا وجهين متباينين، إذ نجده أحياناً شديد اللصوق بنفسهـ يعبر عن جوهر واقعها وما يتعقد في أغوارها من تجارب شديدة الاختلال والبؤس، وأحياناً أخرى نجده يجري وفقاً لسمت الشعر الجاهلي في الاستهلال والوقوف على الأطلال والغزل والمديح، لذلك كله، كان الهجاء في الاستهلال والوقوف على الأطلال والغزل والمديح، لذلك كله كان الهجاء في أشعار الحطيئة هو التعبير الصادق عن نفسيته المضطربة، فهو لا يفتعل الهجاء وإنما ينهل من غيابة الظلمة في وجدانه، وهو الأمر الذي جعل هجاءه يطغى على سائر فنونه الشعرية في المديح والنسيب والوصف. يقسم هذا الكتاب إلى عدة أقسام تبدأ بمقدمة عن الشعر العربي والشعراء العرب في العصر الجاهلي عموماً ثم يتطرق إلى الحطيئة فنتعرف على اسمه ونسبه، وخلقه وخلقه، وقصة الحطيئة مع الزبرقان، ثم وفاته وشعره. يلي ذلك فصلاً هاماً عن ",المديح عند الحطيئة", ونقرأ فيه صفحات من مديحه للخليفة عمر، وفي الوليد بن عقبة، ومدحه لسعيد بن العاص، والأشعري... الخ. يتبع ذلك فصلاً بعنوان ",الحطيئة الهجاء", ونقرأ فيه فصلاً في منافرة علقمة وعامر، ثم في الردة، ومشوبة الحطيئة، ثم يتطرق الكتاب إلى فن الوصف عند الحطيئة. وأخيراً نتف من أخباره وأشعاره ومختارات من (مدائح وأهاجي شتى). وفي مدحه لبني بدر من فزارة يقول: ",فدى لابن بدرٍ ناقتي ونسوعها، وقل له لا بل فداء له أهلي/ شفى وتغلى من وراء شفائها، صدور رجال من حرارتها تغلي...",. كتاب هام يعتبردراسة أدبية معمقة للشاعر الحطيئة وهي من ",سلسلة أدباء وشعراء العرب", بإشراف دار الفكر اللبناني، جديرة بالقراءة.