وصف الكتاب
الصلاة عماد الدين، فهي تنهي عن الفحشاء والمنكر إذ أن الصلاة الخاشعة الصحيحة، لا بدّ أن تنهي صاحبها عن الفحشاء والمنكر وتقوده الى الخير والمعروف، وهي ان لم تنهي صاحبها، فلا بدّ من الامعان في العلّة وإصلاحها، لا بدّ من إصلاح الصلاة، ولا مفرّ من الخشوع فيها، فلننظر في الأسباب ولنجد العلاج.
وكما أننا نعالج الأبدان من أمراضها، فعلاج النفوس أحرى وأولى وهذا ما يعنينا في فهم قول النبي صلى الله عليه وسلّم: ",أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت، صلح له سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله", ففي صلاح الصلاة، صلاح سائر الأعمال، فهي بمنزلة الرأس في الجسد، ولأن العبد أقرب ما يكون من ربه في صلاته، يدعو ربه ويستغفره، وينيب إليه، ويبكي له، سبحانه. فإن الصلاة لا تصلح الا بصحّة العقيدة، وما فيها من مراقبة الله تعالى وخوف منه، ومن الوقوقف بين يديه للحساب، والوجل من ناره. فإذا خرج من الصلاة وعرضت له الفتن، وجد في قلبه قوة على درئها ودفعها، لأنه لا ينظر الى اللّذّة العاجلة الفانية، بل الى النعيم الذي لا ينفد، والسعادة التي لا تنقطع، فهو يقدم الخير الباقي على الزائل الفاني. وإنّما تفسد صلاة المرء لقلّة مراقبة الله تعالى، وضعف التّقوى. فلا يؤتى من الخشية ما يحول بينه وبين معاصيه. وفي الحديث: ",.....ألا وإن في الجسد مضفة، إذا صلحت، صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كلّه، ألا وهي القلب",. ففي صلاح القلب صلاح سائر الجسد، وفي فساد القلب فساد سائر الجسد، فإن صلح القلب، صلحت اليد، فلا تسرق ولا تبطش، ولا تزني باللمس، وصلحت الرجل، فلا تمشي الى محرّم، وإستقامت الأذن فلا تسمع النميمة والغيبة، وحسن حال اللسان، فلا ينطق الاّ خيراً. وإن فسد القلب، فسد سائر الجسد، فلا تمضي الجوارح إلا إلى الفساد. وإنما يصلح أمر القلب أو يفسد بالصلاة، فإن حسنت الصلاة، دلّ ذلك على إنتفاع القلب وصلاحه، وإلا دلّ على قلّة إنتفاعه وفساده، تتبدّد المنكرات، وتعمّ الجوارح والأركان. وهذا ما يساعد على تزكية النفس. إنه الإخلاص في الصلاة كما في الزكاة والحج والصيام والقيام والمعاملات. يمضي الكاتب في عدّ ما يتيح للمسلم سلوك الطريق الصحيح وصولاً الى مرضاة الله والى نعيم الدارين، مبيناً مكائد الشيطان وطرق التحصّن منه، شارحاً أوليات العلم والعمل والدعوة، وكاشفاً عن القبر وعذابه ونعيمه متطرقاً من ثم إلى بيان الدعاء وأثره والبكاء من خشية الله إلى ما هنالك من أمور تهمّ أمر المسلم للتقرّب من الله خلال تزكية النفس.