وصف الكتاب
يهتم هذا الكتاب لتحليل الخطاب الروائي النسوي لعدد من الأعمال الروائية الخليجية، من حيث إن تحليل الخطاب يعني بأن للكلام دلالات غير ملفوظة تدرج دون علامة معلنة أو واضحة، ومن هذا المفهوم يمكن الاستفادة من المنهج السيميائي في تحليل الخطاب الروائي في الكيفية التي يتمكن بها المتلقي من الاستدلال إلى المعنى دون أن تكون هناك دلالة ظاهرة عليه، لأن السيمياء بحث في القواعد أو الأعراف التي تحكم إنتاج الدلالة.
والخطاب الروائي النسوي، وفقاً لتعريف ",فوكو", هو شبكة معقدة من العلاقات الاجتماعية والسياسية والثقافية التي تبرز الكيفية التي ينتج فيها الكلام كخطاب. وإن ما يحكم هذا الخطاب هو مجموعة من القوانين المؤثرة بشكل لا واع في صيرورة المجتمع ومنتجاته الثقافية وغيرها.
في هذا الإطار تحاول هذه الدراسة تحليل الخطاب الذي تنتجه المرأة بوصفه تعبيراً عن رؤيتها التي تختلف عن وجهة نظر الرجل، على أساس الظرف الاجتماعي والثقافي الذي يفرض على المرأة وضعاً خاصاً في الحياة. كما حاولت أيضاً استقصاء أكبر عدد ممكن من الأعمال الروائية النسوية في دول الخليج العربي، لما لهذا الاستقصاء من أثر في الوصول إلى تحليل أكثر دقة لطبيعة الخطاب الروائي النسوي.
فثمة أعمال روائية نسوية تتوزع على دول المنطقة، ما عدا دولة الإمارات العربية المتحدة، التي يمكن الجزم على نحو يقترب من اليقين بأنه ليس ثمة رواية نسوية واحدة صدرت فيها، على الأقل حتى الانتهاء من مادة هذا الكتاب، وأن غالبية النتاج الإبداعي النسوي في مجالات السرد ينتمي في ذلك البلد إلى القصة القصيرة.
هذا وقد بلغ عدد الروايات التي اهتمت هذه الدراسة بقراءتها وتحليلها سبع عشرة رواية تتوزع على النحو الآتي: ست روايات من الكويت تتوزع بين مطلع السبعينات ونهاية القرن العشرين، وهي رواية (وجوه في الزحام) لفاطمة يوسف العلي، وروايتا (المرأة والقطة) و(وسمية تخرج من البحر) لليلى العثمان، وروايات (الشمس مذبوحة والليل محبوس) و(النواخذة) و(مزون وردة الصحراء) لفوزية شويش السالم.
وثلاث روايات من البحرين (الحصار) و(تحولات الفارس الغريب في البلاد العاربة) و(القلق السري) لروائية واحدة هي فوزية رشيد، تتوزع أعمالها بين منتصف الثمانينات ونهاية القرن العشرين.
وخمس روايات من قطر للشقيقتين دلال وشعاع خليفة تتزامنان تقريباً في الإصدار وإن اختلفتا في التوجهات والبنية والدلالة، وروايات دلال ثلاث وهي (أسطورة الإنسان والبحيرة) و(أشجار البراري البعيدة) و(من البحار القديم إليك)، أو روايات شعاع فاثنتين وهما (أحلام البحر القديمة) و(العبور إلى الحقيقة. وروايتان من السعودية (الفردوس اليباب) لليلى الجهني، و(خاتم) لرجال عالم، ومن عمان رواية واحدة (الطواف حيث الجمر) لبدرية الشحي.
إن هذه الدراسة تسعى إلى تحليل مكونات الخطاب الروائي النسوي في الخليج، لما تشكله هذه الحزمة المنتقاة من الرواية المكتوبة بأقلام نسوية، من أهمية في الكشف عن مجموعة من القضايا والتحولات، ليست خاصة بالمرأة وحدها، بقدر ما تشمل البنية المجتمعية كلها.
بدأت هذا الكتاب بمدخل نظري عن النقد النسوي من حيث هو تحليل النصوص من وجهة نظر المرأة، والدفاع عن المرأة وحقوقها، وعن خصوصية الأدب النسائي وعلامات الأنوثة فيه التي تميزه عن علامات الذكورة، كما تناولت إبداع المرأة بوصفه مشكلة الكينونة الاجتماعية والهاجس الأساسي الذي تعانيه المرأة في ظل مجتمع يفرض عليها وضعاً خاصاً في الحاة.
وقد درست هذه الروايات من خلال استخدام تقنية الراوي/السارد، وتعبيره عن مشكلات المرأة في المجتمع، وعلاقة الراوي/السارد بالمروي.