وصف الكتاب
",أنقذني محروس من إحساسي بالنقص بعد دخولي الجامعة بقليل. أصابني الخوف أول أيام الدراسة والخوف من المجهول الذي أزجّ نفسي فيه والذي لا أعرف عنه إلا أنه مَعْبر للمستقبل. بخطى مترددة، دخلت بوابة الجامعة. سارت في الشارع الطويل الواسع، تنظر إلى المباني عن يمينها ويسارها. الفتيات والشباب يجلسون فوق الدرج، وأمام البنايات، وتحت الأشجار وفوق الأرصفة. آخرون يسيرون في كل الاتجاهات. تجهل منى موقع كلية التجارة والاقتصاد. أردت أن أسأل عن مبنى الكلية، لكنني شعرت بالحرج. جلبابي العريض والكالح وحذائي العريض جعلاني أشعر بغربتي عن الفتيات اللواتي أسير بينهن. أولاد اللواتي يلبسن الجلباب كن أنيقات وجميلات، أما أنا فشعرت بقبحي وشذوذي، كانت عيناي منشغلتين بالمناظر التي لم أعهدها، والوجوه التي بدت وكأنها من كوكب آخر. وسرق تفكيري الذي علمتني أمي أنه عيب أمام الناس. مرّت منى بالمباني واحداً واحداً إلى أن وصلت إلى كليتها، دخلت المبنى متعجبة من الثرثرة التي لم يتسع لضجتها المبنى، فخرج الفائض إلى الساحة، وقفت في مكان بعيد عن الطلبة، أخرجت ورقة التسجيل من حقيبتها، قرأت رقم القاعة، بحثت عنها، وابتسمت وهي تجلس فوق المقعد. أكانت لحظة اكتشاف عالم لا يشبه عالم القرية، أم فرحة الوصول هي التي جعلتني أندهش أمام كل ما أسمع وأرى؟",.
",خارج الجسد", رواية تتجسد فيها الأمراض الاجتماعية التي تغتال الأنثى جسداً وروحاً. منى الشخصية المحورية تقع فريسة عقد اجتماعية. تخوض منى تجارب وتخرج منها وفي روحها قبل جسدها ألف جرح جرح.
تفتحت في رغبات المراهقة فخسرت جسدي وإرادتي وقراري وحركتي، ودخلت في دوائر الخوف والهزل.
سلبوا مني كل شيء، حتى الأمل في الغد، وما تركزا لي إلا رغبتي في الموت. اندفعت إلى حضن الموت أبارك له إيماني بلا شيء غلا هو. لكنهم كانوا بيني وبين الموت. منعوني من اختيار العدم الحقيقي، وأبقوني في عبثية عدمهم. كلما فررت من قفص أدخلوني في آخر. قصوا أجنحتي، نتفوا ريشي، وكفنوني بالبياض لأسير بين ألأحياء جسداً لا يعرف الحياة. أسير ميتة بينهم، لا أعرف الدفء ولا الأمان ولا أقدر على التحليق.
أعرف جيداً الاحتراق، وأعرف كيف أكوم رمادي فوق بعضه بعضاً، وأتقن فن إشعاله من جديد. لم أعرف أن رمادي سيشتعل يوماً ويحرقني إلى أن أتلاشى وأبعث من رمادي وأعود للاحتراق والاشتعال مع الرماد القديم وأبعث من جديد.