يُعتبر هذا الكتاب، الذي هو ثمرة بحث لنيل أطروحة دكتوراه، مساهمة جديدة في الأبحاث الإنسانية المغربية، سواء من حيث ما يمثّله من تحوّل في الاهتمامات السيكواجتماعية وانفتاح على التخصصات المجاورة، أو من حيث توظيف المرجعيات النظرية وتراكم المعرفة المقرون بمعطيات العمل الميداني.

إن موضوع التصورات حول جسد المرأة في الثقافة العربية عمومًا، يُعتبر موضوعًا معرفيًّا استراتيجيًّا، نظرًا إلى التحول الذي تعرفه البنيات الاجتماعية والثقافية والمتخيل الجماعي ومنظومات القيم، وتأثير ذلك على علاقة المرأة بالجسد وتصورات المجتمع له. لقد كان الجسد موضوع أبحاث أنثروبولوجية متعددة منذ أن كتب مارسيل موس مقالته حول تقنيات الجسد، غير أن هذا الكتاب، وإن كان يعرف قراءات معرفية متعددة، يركز على دراسة الجسد الأنثوي في سياق التصورات الثقافية للمجتمع المغربي، في منطقة حدودية تتميز بالمحافظة على التقاليد، وتشكّل النساء في نطاقها رهانًا اجتماعيًّا وثقافيًّا. كما يتتبع الكتاب التحول الذي تعرفه القيم التي تحيط بجسد المرأة، بفعل التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي يعرفها الوسط الاجتماعي في منطقة تعرف تفاعلاً مع الآخَر الأجنبي. ذلك التفاعل يفرض على الأفراد التأرجح بين قيم ",مدّ", المحافظة، من أجل ",مقاومة", قيم تُعتبر دخيلة، وقيم الانفتاح التي تفرضها طبيعة التحول الذي يعرفه المجتمع، ما يعرّضهم لتفاوض أو صراع مستمر مع الواقع.

كل هذه الاعتبارات تجعل هذا المؤلَّف تحليلاً ينفذ إلى عقلية المجتمع ومنطقه عبر تصوراته للجسد الأنثوي، منظورًا إليه عبر سيرورة تحوله. مما لاشك فيه أن هذا الكتاب سيُغْني رصيد الخزانة المغربية ورصيد الكتابات النفسية الاجتماعية في المغرب.

د. رحمة بورقية