وصف الكتاب
رواية كأس من الغضب - للروائي البرازيلي من أصل لبنانيّ رضوان نصار، حيث حول الروائي، الغضب إلى شيء ملموس، ينقله من حالة الشعور إلى حالة ",التشيّؤ",، يحجّمه بطريقة ما، يحيله إلى سائل يمكن ارتشافه عبر تخصيص تجرّعه بكأس، وكأنّه ماء أو أيّ مشروب آخر. يتحوّل الغضب لديه إلى ما يشبه المُسكر المهدّئ الباعث على النشوة، وكأنّما تحديد منسوبه بكأس واحد يلفت إلى التأثير الإيجابي المأمول منه، وكمّ النشوة المتوقّعة، والسلام الداخليّ المُشتهى. كما يثير نصّار في عمله أسئلة تتعلّق بمفهوم الحرّيّة الشخصيّة والاجتماعيّة، وجوانب ممّا يوصف من أطراف متناقضة بالخير والشرّ، ويفكّك ما يصطلح عليه بسلّم القيم، وصور ما يوصف بالضلال والهدى في عيون المرء والمحيطين به، واختلاف زوايا الرؤية ومعايير الحكم على الآخرين.يصل الراوي إلى مزرعته، يدخل مهدّئاً غضباً مجهول المصدر بداية، تكون صديقته بانتظاره، يحاول التهرّب من المواجهة وتأجيل تنفيس الغضب، يتشاغل بأكل البندورة في المطبخ وهي تراقبه مدّعية الهدوء في الوقت نفسه، كلاهما على أهبة مواجهة من نوع مختلف، حرب خفية تدور بينهما قبل عراك السرير الذي يكون بدوره وسيلة تهدئة للجسد الضاجّ بالرغبة والغضب.تتحوّل التهدئة التي تعقب ",الوصول",، إلى فوضى عارمة على السرير. الغضب في النفوس يتفجّر على شكل رغبة جنسيّة محمومة، تكون الحركات المصاحبة والأفكار التي تجتاح الراوي أثناءها غرائبيّة تعكس ما يعيشه من اغتراب وما يعانيه من انقسام داخليّ.السرير هو الميدان الذي تدور عليه رحى حرب طاحنة بين جسدين مسكونين بروحين تائهين، بغضب متعاظم لا يستدلّ إلى أيّ طريق للهدوء المأمول، وهو الملعب الذي يكشف فيه كلّ واحد منهما عن جانب من تلك الروح الوحشيّة التي تسكن المرء في بعض أطواره، ولاسيّما في حالة الغضب التي قد تخرجه عن طوره، ويكون كذلك معبراً لتأجيل الغضب أو ترحيله إلى وقت تالٍ غير بعيد.هناك عنف جليّ يسم تصرّفات بطلي الرواية، يكون العنف كائناً متنقّلاً من مكان لآخر، كأنّه صورة الغضب المتجسّدة سلوكيّاً، أو من نتاجاته المتشظّية على أكثر من صعيد، فالوصول الأوّل الذي يتبدّى هادئاً لا يلبث أن يتحوّل إلى بركان يتمّ التحكّم به، والسيطرة عليه على السرير، عبر تفريغ شحنات الغضب وتنفّس الصعداء قليلاً، ثمّ ينتقل من حالة إلى أخرى، يكون متحوّلاً بدوره.