وصف الكتاب
في ",بيروت 2002", تقدم الكاتبة عالماً روائياً متسربلاً في ظاهرة بأحداث واقعية جداً مأخوذة من تفاصيل ذاتية لأبطال واقعيين يعيشون بيننا، ويمكننا رؤية ملامحهم والتعرف اليهم بسهولة، ما يمنح النص سلطة على القارئ عبر الايهام بأن الرواية هي الواقع وأن ما يحدث هو ادخال المؤلفة لبعض التحسينات على الواقع بحيث تبدو الحكاية مبسطة وسلسة كما لو أنها قصص متداخلة لأحداث من فرط بساطتها لم تستوقف أحداً. من هذا المنطلق تبدو ",بيروت 2002", رواية مضمخة بألفة حقيقية لمن عرف بيروت عن كثب، لمن تعايش مع بيروت المدينة مع شوارعها، ومقاهيها وحاناتها وأروقتها السرية، لا عبر المعرفة السطحية لها كمدينة سياحية، لذا تبدو بيروت في الرواية البطل الحقيقي للأحداث، انها القوة الخفية التي تحرك الأشياء من وراء حجاب العتمة، فقارئ هذه الرواية لا يمكنه إذا كان عرف بيروت حقاً إلا أن يتوقف ويتساءل عن علاقته بها، وعلاقته بالأماكن التي تذكرها الكاتبة، انطلاقاً من هذا التساؤل تقودنا رينيه حايك الى اعادة صوغ رؤيتنا للأشياء والأماكن عبر تقديمها صوراً وعلاقات وتفاصيل حية وحقيقية في اليومي المعاش لشريحة من المجتمع البيروتي، تفاصيل دقيقة من شدة ما هي قريبة باتت غير مرئية، وهنا تكمن اللعبة الروائية للمؤلفة: انها تأتي بالعادي والمتوقع، لتحوله حدثاً غير عادي، وغير متوقع، كما في كشفها شخصيات أبطالها وتعرية ذاكرتهم بلا رحمة. ",يتبدل وجهه. كأنه يقلق فعلا، اراه يستمر في التحديق بي، اشير له ان يجلس، يتناول جريدة عن الطاولة، يقلب صفحاتها احس دبيب نمل داخل جمجمتي، يواصل زحفه الى رقبتي الى اصابعي. حتى الأن أجهل سبب انجذابي السريع إليه؛ أثناء حديثه، يضع يده فوق كتفي أو فوق ذراعي بطريقة عفوية، لا يدري كم يربكني. يأخذ سيجارتي، يمج منها مجة، يعيدها إلى، لم ارد ان ابدو كفتاة خجولة، بلا اية تجربة، لذلك لم اتصل بامي لاعلمها بتأخري. أنذاك، كانت معتادة ان تعرف مواعيد ذهابي وعودتي بدقة؛ لكن كيف سأفعل ذلك؟ اتجنب ان ارفع رأسي اخشى ان يفضحني احمرار وجهي حتى الاختناق استمر في السير محدقة بحذائي. اعلم انه طالب في ادارة الأعمال يقول: دروس مملة بالإجمال، يفكر بتغيير الإختصاص، لا يحب معرفة الحياة من الكتب، يفضل ان يختبرها بنفسه، يقول ليلتها افكارا كثيرة تسحرني، لن اعرف الا في ما بعد أنه يكررها، كانه لا يعرف غيرها، حفظها ربما من احد المسلسلات.