وصف الكتاب
",كان يا مكان يا سادة ياكرام، ما يطيب الحديث إلا بذكر النبي عليه الصلاة والسلام. قولي عليه الصلاة والسلام يا زيزي", أقول عليه الصلاة والسلام وأنا متكورة إلى جوار أبي فوق السرير الأصفر. كل يوم بعد الغداء بابا يحكي لي حكاية، أسمعها وأطلق لخيالي العنان. بابا بطنه كبير وشاربه ...قصير. حين أرقد إلى جواره لاأرى الداخل من باب الغرفة. حين أقول عليه السلام، أظن أن السلام هو عبد السلام بائع الخبز الذي يتأخر كل صباح. حين يتأخر الخبز تغضب ماما، وحين يصل الخبز تقول الخادمة عبد السلام وصل، وتصيح ماما ", دهية ما تسلمه",. كان يامكان يا سادة يا كرام كان فيه رجل شقيان عنده من البنات بنتين. عنده بنت إسمها شمس الشموسي، وبتسقي غصن الدروكمان، في البيت بتعجن وتخبز، وبتسمع الكلام. ولما أبوها ينادي عليها بتقول: نعم يابابا. أنا خدامتك وأتمنى لفة عمامتك. والراجل ده عنده بنت ثانية إسمها كهرمان، بنت بتسد كل سبيل، ولا ترحم المسكين، ولا تعطف على الغلمان. كانت طويلة طول النخلة، وناشفة زي عود الحطب ",. أسمع الحكاية فأتمنى أن أكون شمس الشموسة. أفكر في البستان، شفته ماما منيحة هي البستان، فيها برنده واسعة وفيها شجرة فل وزرع أخضر وقصاري ورد كثير. الورد أحمر وبنفسجي. حنك السبع في شم النسيم وشم الوردة حرام في رمضان. أسمع الحكاية فتثقل جفوني، أستيقظ فأجد بابا نائماً. أريد أن أسمع حكاية أخرى. أرفع رأسي فوق قمة جبل البطن الكبير فأرى الباب مغلقاً. أقول بابا بصوت خفيف.إذا نام أبي صعد صدره إلى فوق ثم هبط إلى تحت. أنفه صفارة، وصوت ماما نفير. هكذا قال بابا حين غضبت ماما وإرتفع صوتها. بابا لا يغضب كثيراً. أحب رائحته. أحب رائحة الكولونيا التي يبقيها في الحمام. بابا يذهب إلى المدرسة كل يوم. وحين يرجع من المدرسة يمد لي قدمه لكي أخلع عنه الحذاء . يقول لي: ", يلا هيلا هوب ", فأجذب الحذاء بكل قوتي حتى أسقط على ظهري والحذاء في يدي. فيضحك باب ويقول: ", برافو ",. يبتسم ويقول: ", يلا هاتي قالب الجزمة وعلقي الطربوش ",. مشاهد طفولية علقت في ذاكرة سوزان. طفولة كانت مشبعى بحنان الأبوة وبصرامة الأمومة. وتكبر سوزان وتمر بتجارب تجعلها ذات شخصية مستقلة مما يربك والداها ويضعها في مواقف حرجة. تمضي الروائية في إسترسالاتها مستحضرة أحداث عائلية وإجتماعية وسياسية، أتت لتعطي القارئ فكرة عن الظروف السياسية التي كانت تعيشها في مصر في أواخر العهد الملكي وما رافق تلك الفترة من ظروف ألقت بظلالها على الحياة الإجتماعية. تسترسل الروائية في سردياتها بعفوية طبعت الرواية بطابع لطيف يمتع القارئ ويجعله رهين الأحداث ليتابع حكاية سوزان وعائلتها بشغف إلى النهاية.