وصف الكتاب
رواية معبّرة صادقة وشديدة الواقعية والرمزية في آن، للكاتب والصحافي العراقي الذي ",عاش تجربة مخيم رفحاء في المملكة العربية السعودية أعقاب حرب الخليج الأولى لفترة تقارب الخمس سنوات",، والتي استقى الروائي منها أحداث هذه الرواية، ويقول أن واقع ما حدث فعل ",يفوق الخيال في تفاصيل كثيرة، مما جعلني أحرص ...على سرد أحداثه بطريقة تقترب فيه إلى الواقع منه إلى الخيال، فأصبحت وكأنها واقع مصاغ بطريقة خيالية..",، فـ",تلك التجربة الخرافية",، ",رسّخت همجية توجهات العقل الجمعي في تعامله مع الظروف الاستثنائية وكشفت حقيقة الشلل في التفكير القطيعي الذي يجرف الناس إلى متاهات مهلكة ونهايات مأساوية",. ",علي موات", سيخبر الحكاية. ",يا لك من مسكين يا علي موّات. إنه مسكين حقا، لقد رافقته هذه الكلمة طويلاً..",، ",إنه مسكين وحسب، هذا هو كل ما يطمح إليه ويتمنى أن يكونه في نظر الآخرين ويسعى إلى عدم زعزعة قناعتهم في تلك الحقيقة التي تبعث في نفسه الطمأنينة..",
إنه لا يعرف ",متى وكيف اشترك في العصيان؟ وكم مرة ذهب لمقاتلة القوات الحكومية؟ ومتى أدرك بأن تلك الانتفاضة فاشلة بلا ريب؟",
وما كان يعرف ",أن الثورة ستكون بهذه الصورة الصاخبة والمرعبة... هذا جحيم",. ستأخذهم ناقلات الأمم المتحدة وتطير بهم بعيدا، ",..فمهما يكن القادم مبهما لا يمكن أن يكون أكثر سوءا من الذي تركه خلف ظهره",. لكنه سينتقل من جحيم الثورة، ليصبح عالقا في جحيم مخيم الصحراء الذي ",ربما سيستمر إلى أمد طويل وقد يبقى إلى أكثر من عشر سنوات..",.
يصف الروائي الحياة اليومية في هذا المخيم. يصف عواصف رماله الصحراوية، ومسجده الذي شكّل ",أولى ملامح الحياة",، و",الشيخ فاضل", الذي توصل إلى أن يكون خطيب نهار الجمعة، ومرافقه ",ظاهر", الذي ",كان دائما يؤّمن الماء الكافي للمسجد، يملأ كل القوارير الفارغة منذ طلوع الفجر",، ولذا سمي ",بسيد القوارير",، ورفاق الخيمة المنشغل كلٌ بعالمه واهتماماته",، ",سلمان",، الذي يبوح لعلي موّات بعشقه لسيد القوارير، و",محمد زيادة", الذي فقد يده اليمنى في الحرب", والذي ",اعتاد أن يشارك علي موّات بمراقبة أوقات قبيل الفجر",.. ",وجوه اكتسحها الشحوب من شدة الصمت ومرارة الترقب.. مخلوقات أعيتها الأبواب الموصدة وأذهلهم الإمعان في النظر، عن بعد بتلك الفتحات المظلمة..",
يصف بالتفصيل الحادثة التي شكّلت عملية انقلاب سيّد القوارير على الشيخ فاضل ",وانتزاع إمامة المسجد منه",. يصف قدوم الرجال الغرباء، وأحدهم كان قد أصيب بالعمى من جراء شجارات عنيفة حدثت في المخيم القريب، ",لكنه سيبرأ إن شاء الله",، بمعجزة سيشهدها أهل المخيم، الذين ",كانوا يتعذبون جميعاً بنار الرغبة لمعرفة ما يدور..", جيئة وذهاباً بين الخيمة التي وُضع فيها الغرباء وبين باب المسجد، الذي خرج منه أخيرا من يدعو لسيد القوارير لأنه ",شاهد في المنام إمام العصر والزمان..", الذي أمر بإقامة خيمة في مكان محدد ",لأجل أن يحضر الإمام ليشفي هذا المسكين من العمى",.. وهكذا كان.
بعد هذا الحدث، يستلم سيد القوارير منصب إمام المسجد، ويتسلم السلطة على رأس العباد، فكان", يدعو الناس إلى البقاء في المخيم وحرّم عليهم محاولة الهجرة إلى دول الغرب",.
أما الشيخ فاضل، فقد ",عانق سره وانزوى صامتاً..فهو لم يعد سوى إمام مسجد مخلوع",. لكنه لن يستمر طويلا في حزنه وعزلته، سيصبح له اتباعه وأنصاره من الذين ",أعلنوا الإضراب عن الطعام، مطالبين بإيجاد سبيل لخلاصهم من هذا المكان",. ما المعركة الكبيرة التي ستدور بين المعتصمين أتباع الشيخ فاضل، الذين ",كانوا يدركون قوة وعنف أتباع سيد القوارير",، وبين أتباع سيد القوارير الذي اعتبر أن ",هذا الإضراب باطل وحرام..",؟ وما الكارثة أو الفجيعة التي تنتظر الفريقين؟
",الإنسان لا يدرك معنى الوطن إلا حين تطأ قدمه حدوده",، ",عندها فقط يبدأ المرء بتأمل ذلك المفهوم المبهم والمعنى المشوش لذلك العشق الخفي..",. فـ",تجربة رفحاء لم تكن حدثاً عابراً، إنما هي نموذج مصغر لما حصل في العراق..",