وصف الكتاب
تبدو هذه الرواية للكاتب السوري المعروف ",نبيل سليمان", بمثابة إعادة قراءة لهذا العمل تعيد صياغة الواقع وتنظيمه على أساس نقدي يعبّر عن رؤى الأديب الفكرية لمجتمع ما قبل الحداثة في سوريا حيث يتخذ الروائي من قرية نائية في بلاده ومن شخصية ",الطويبي", الدجال الذي يستغل العامل الديني ويشوهه بحثاً ...عن السلطة ليصل إلى شكل من أشكال الحكم الفردي المتسلط قبيل فترة الاستقلال نموذجاً لهذا الواقع.لقد أجاد الروائي في استخدام تقنية سردية بارعة في مزيج نقدي – معرفي متشابك مع زمن الرواية ليكشف للقارئ ذلك التمزق في الوعي والازدواجية التي تعيشها شخصيات العمل، فمن خلال بناءه لتلك الشخوص وسرده لمسارها وتنقلها وحركتها وما يعتري عالمها من أحداث، ينقل إلينا صوراً واقعية تصور حال أولئك الناس البسطاء الذين يقعون تحت وطأة الاعتقادات الماورائية التي تدفعهم إلى اكتشاف القدرات الغيبية حيث نراهم يتصرفون تبعاً لوحي إلهي أو لجوهر متعال أو وفقاً لتقاليد وأعراف موروثة تجعلهم عرضة للسيطرة. وهذا ما وجدناه من التحام هؤلاء الأفراد وتوحدهم مع الشخصية الرئيسية في العمل ",الطويبي", منفعلين أمام غرابة حدث لا يمكن إدراكه بالنسبة إليهم أو تصنيفه نهائياً، حيث يوظف الروائي الظهورات فوق الطبيعية التي يتحلى بها ",الطويبي", ومساعدة زوجته وأعوانه له، ليقدم لنا نقداً تحليلياً معمقاً لهذا النوع من الحكم، حيث يجد الناس أنفسهم في هكذا مجتمعات في لحظة غرابة مقلقة ما يستثير تساؤلاتهم التي لا جواب لها.. يقول الطويبي: ",قبرك يوم القيامة حفرة من النار لصق قبر هامان. يرفعك اللهب إلى أعلى فتضربك الزبانية، تهوي إلى أسفل فيغلي دماغك من صهد النعلين في قدميك تعطش وتصيح: اسقوني شربة ماء. تسمعك الملائكة وتأتيك بالقدح، والقدح يغلي، ولحم وجهك يسقط من حرها، حتى إذا وصل الحميم إلى بطنك قطع أمعاءك فانسلّت من دبرك...",.
",أطياف العرش", عمل يتموقع داخل فكرة السلطة والسيطرة، يكشف الروائي لأبعاده الانعكاسية على مستوى التاريخ وعلى مستوى الواقع من خلال ما تؤول إليه نتائجه على حياة الأفراد في المجتمعات الموسومة بالتقليدية.