وصف الكتاب
",إستلمت أمل الرسالة بينما كانت لا تزال في عملها، إبتسمت ساخرة وهي تحدث نفسها...الحياة أصبحت بالمراسلات، مهدية ترسل رسالة لسهير، لتقوم سهير بإرسالها لي، وبدوري أرسلها لزهراء. وهلم جرة! عجبي على الصداقة في هذه الأيام؟. فتحت أمل باب غرفة منار بهدوء وهي تحمل في يدها دباً كبيراً من الفرو ...الأبيض، فترامت إلى سمعها ضحكات البنات. خطت بخطواتها الأولى إلى داخل الغرفة، فرأت مهدية تجلس على الكرسي ، وسهير برفقة إبنتها سوسن تجلسان على الكنبة التي تقابلها، فيما وقفت زهراء تقدم لها الحلوى. ومنار الصغيرة مستلقية على سريرها الذي يتوسط الجميع. ها أنتن هنا! السلام عليكم. قالت أمل بمرح، وعليكم السلام، هتفن جميعاً بأصوات متداخلة. ثم بدأت التحيات والسلامات بينها وبين كل واحدة منهن. منار، كيف حالك يا حبييتي؟ ماهي أخباركن يا بنات؟ سألتهن أمل. نحن في سؤال دائم عنك! أجابتها مهدية. بالرسائل الهاتفية!.الله الغني عن سؤالك. ما يحيرني فعلاً هو...ما المتعب في الإتصال الهاتفي المباشر بدلاًَ من إرسال الرسائل الهاتفية؟ قال أمل في غيظ واضح. عقبت سهير على قولها قائلة: إنك إنسانة بعيدة عن التكنولوجيا تماماً!. من أهم الأسباب التي دعت لإبتكار الرسائل الهاتفية القصيرة، هو توفير الوقت الطويل الذي نقضيه في الحديث على الهاتف. لقد أصبح اليوم قصيراً في هذا الزمن بالنظر لحجم المسؤوليات التي تقع على عاتقنا! أضافت مهدية. أين الصلة بين الناس وأين الحميمة التي تربطهم ببعض تسألت أمل؟ أضافت سهير: تلك هي حال الدنيا في هذه الأيام، فالجميع منشغل بنفسه وبيته وأولاده. العلاقات بين الناس أصبحت من الكماليات التي يمكن الإستغناء عنها. سادت لحظة صمت بعد تعقيب سهير الأخير، فقد تذكرن بأنه لا بيت ولا أولاد لأمل يشغلنها عن الناس ",. صديقات أربع سهير، أمل، مهدية، وزهراء اللواتي جمعتهن مقاعد الدراسة، وبقين على صداقتهن حتى بعد أن باعدت بينهن ظروف الحياة حيث تزوجن وأنجبن سوى أمل التي بقيت دون زواج. تدفع الكاتبة بالأحداث مبرزة معاناة كلً منهن والتي تنشأ عن مصادر إجتماعية ونفسية. تحاول الكاتبة الكشف عن الأخطاء التي ترتكبها كل واحدة منهن من خلال منولوجات داخلية وحوارات تشي بإشتراك المجتمع بعاداته وتقاليده في خلق نفسيات واهنة ضعيفة لا تستطيع معالجة المشاكل والوقوف في وجه الصعوبات.إنها تشتهي المغامرة.. وتشتهي المضي ضد التيار. لماذا نحتقر أنفسنا حينما ندخل في المغامرات.. لماذا يتعين علينا أن نسير على خطوط دفتر هندسة الحياة دون أن يختل توازننا لننزاح عن الخط المستقيم ولو قليلاً!
لماذا نضطر لقلب صفحة الخطأ.. لنعاود المسير في صفحة جديدة، بدلاً من أن نكتفي بتصحيح مسارنا دون أن نتبرئ ونخجل من نقطة اختلال توازننا في فترة ما من رحلتنا؟!
إنها تشعر بنفسها كالخيل البرية.. التي تشتهي الإنطلاق في الصحراء الشاسعة، لكن لجامها يمنعها، والحواجز تعرقلها.. والأسوار التي صنعها البشر تحيط بها من كل جانب لتختصر أرض الله الواسعة في أسطبل محدود المساحة!
ترى هل سيحين الوقت الذي ستتجرأ فيه على مراسلة محمد؟ لقد بدأت تشعر بآلام مخاض ولادة مغامرتها الأولى.. لكنها لا تزال تجهل مدة هذا المخاض والتوقيت الفعلي لولادة المغامرة؟